الأربعاء، 30 أكتوبر 2013

شروط الصلاة المقبولة

تصدر من قلب نقى. لأن" ذبيحة الأشرار مكرهة الرب، وصلاة المستقيمين مرضاته" (أم 15: 8) (أم 21: 27). وقد رفض الرب صلاة الأشرار فقال لهم " حين تبسطون أيديكم، أستر وجهى عنكم. وإن أكثرتم الصلاة، لا أسمع. أيديكم ملآنة دمًا" (أش 1: 15). ويقول الكتاب " طلبة البار تقتدر كثيرًا في فعلها" (يع 5: 16). إذن ماذا يفعل الخاطئ المثقل بآثامه؟ يصلى ليساعده الله على التوبة. ويتوب لكي يقبل الله صلاته.. يصلى ويقول: "توبنى يا رب فأتوب" (أر 31: 18). فالصلاة هى باب المعونة، الذي يدخل منه الخاطئ إلى التوبة. إذن لا تنتظر حتى تتوب ثم تصلى!! إنما أطلب التوبة في صلاتك، من ذلك الذي قال "بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا" (يو 15: 5) وقد قال ماراسحق "من قال إن هناك بابًا آخر للتوبة غير الصلاة فهو مخدوع من الشياطين".. تكون بالروح فيها روح الإنسان يخاطب روح الله، وقلبه يتصل بقلب الله، هذه الصلاة التي من الروح ومن القلب، هى التي تفتح أبواب السماء، وتدخل إلى حضرة الله، وتكلمه بدالة، وتتمتع به، وتأخذ منه ما تريد.. بل هذه الصلاة هى التي تشبع الروح، كما قال المرتل: " باسمك أرفع يدي، فتشبع نفسي كما كم شحم ودسم" (مز 163: 4، 5). هذه الصلاة التي من القلب، هى التي يشعر فيها الإنسان بلقائه مع الله. ففيها أما أن نصعد إليه،أو ينزل هو إلينا. المهم أن نلتقي. أو هو الروح القدس يصعدنا فكرًا وقلبًا إلى الله. وعن هذه الصلاة يقول القديسون إنها حلول السماء في النفس، أو أن النفس تتحول إلى سماء. وهنا تتميز الصلاة بحرارة روحية لتكن بحب وعاطفة، "صلاة حارة" الصلاة التي بالروح، تكون حارة بطبيعتها. أشعلها الروح الناري. ولذلك قيل عن صلاة القديس مكسيموس ودوماديوس إنها كانت تخرج من أفواههم كشعاع من نار. وهكذا كانت أصابع القديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين حينما كان يرفع يديه في صلاته.. لتكون بفهم وتركيز. التركيز يبعد الصلاة عن طياشة الفكر. كذلك عنصر الفهم يجعل الذهن مركزًا، والعاطفة أيضًا تركز الفكر0 أما الذي يصلى بدون قلب، وبدون فهم، وبدون عاطفة، فبالضرورة تشرد أفكاره في موضوعات متعددة لأن قلبه لم يتخلص بعد من الاهتمام بهذه العالميات، ولا يزال متعلقًا بها حتى وقت الصلاة. فلا تكون صلاته طاهرة، لأنها ملتصقة بماديات العالم. لهذا، عندما سئل القديس يوحنا الأسيوطى "ما هى الصلاة الطهارة؟" أجاب "هي الموت عن العالم"، لأنه حينما يموت القلب عن أمور العالم، لا يسرح فيها أثناء صلاته، فتصبح صلاته طاهرة بلا طيش. لتكن بخشوع أمام الله. . فيمتزج حديثنا مع الله بالاحترام والتوقير، وندرك أدب الحديث مع الله. وخشوعنا ليس هو خوف العبيد، إنما هو توقير الأبناء لأبيهم وأي أب؟ إنه ليس أبًا على الأرض، بل هو أبونا الذي في السموات، الذي تقف أمامه الملائكة في هيبة " بجناحين يغطون وجوههم. وباثنين يغطون أرجلهم" (أش 6: 2). لهذا قال ماراسحق: " إذا وقفت لتصلى، كن كمن هو قائم أمام لهيب نار". خشوعك أمام الله هو خشوع الروح وخشوع الجسد أيضًا. أما عن خشوع الجسد: فيشمل الوقوف والركوع والسجود، بحيث لا تقف وقفة متراخية ولا متكاسلة، ولا تستسلم للشيطان الذي يحاول أن يشعرك في وقت الصلاة بتعب الجسد أو بمرضه أو إنهاكه أو حاجته إلى النوم..! خشوع الجسد لازم، لأن الجسد يشترك مع الروح في مشاعرها، ويعبر عنها. فخشوع الروح يعبر عنه خشوع الجسد. وتراخى الروح وعدم اهتمامها، يظهر كذلك في حركات الجسد، مثل انشغال الحواس بشيء آخر أثناء الصلاة! سواء النظر أو السمع وما إلى ذلك.. أما عن خشوع الروح : فيجب أن تصلى بقلب منسحق. وتذكر أن الرب قريب من المنسحقين بقلوبهم.. لا تنس أنك طبيعة ترابية، وأنك تكلم خالقك الذي هو ملك الملوك ورب الأرباب (رؤ 19: 16). ولا تنس أيضًا خطاياك التي أحزنت بها روح الله القدوس، وخنت محبته وقابلت إحساناته بالجحود لذلك قف بانسحاق قدامه، كما صلى دانيال النبي وقال " لك يا سيد البر. أما لنا فخزي الوجوه.. لأننا أخطأنا إليك. تمردنا عليك" (دا 9: 7-9). لتكن بإيمان.. تؤمن أن الله يسمعك ويحبك، ويستجيب لك في كل ما يراه خيرًا لك. وقد قال السيد الرب "كل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين، تنالونه" (مت 21: 23). وإن لم يكن لك هذا الإيمان، فاطلبه في صلاتك. كما قال أبو ذلك المريض المصروع للرب "أؤمن يا سيد. فأعن عدم إيماني" (مر 9: 24) – أو كما قال الرسول للرب: زد إيماننا (لو 17: 5) تذكر ذلك الوعد الجميل " كل شيء مستطاع للمؤمن" (مر 9: 23). ثق أن الإيمان يعطى الصلاة قوة. وأيضًا الصلاة تقوى الإيمان.. غير أنك إن طلبت طلبًا لا تتعجل نواله. وإنما انتظر الرب. آمن أنه سوف يستجيب، مهما بدا لك أنه أبطأ في استجابته. استمع إلى داود النبي وهو يقول "أنتظر الرب. ليتشدد وليتشجع قلبك، وانتظر الرب" (مز 27: 13). لتكن بعمق وبفهم. كلما كانت صلاتك بفهم، وتقصد كل كلمة تقولها، فإنها حينئذ ستكون بعمق. إن المرتل يصرخ في المزمور ويقول "من الأعماق صرخت إليك يا رب. يا رب استمع صوتي" (مز 130: 1). "من عمق قلبي طلبتك" (مز 199). صل إذن من عمق قلبك، ومن عمق فكرك، ومن عمق إيمانك، ومن عمق احتياجك.. وعمق الصلاة يمنحها حرارة. شروط الصلاة المقبولة - من كتاب العبادة الكاملة - كتب الأنبا متاؤس

0 التعليقات :

إرسال تعليق