الأربعاء، 30 أكتوبر 2013

اجمل 38 حكمة فى العالم

إذا لم تعلم أين تذهب , فكل الطرق تفي بالغرض ** ** ** ** يوجد دائماً من هو أشقى منك , فابتسم ** ** ** ** يظل الرجل طفلاً , حتى تموت أمه , فإذا ماتت ، شاخ فجأة ** ** ** ** عندما تحب عدوك , يحس بتفاهته ** ** ** ** إذا طعنت من الخلف , فاعلم أنك في المقدمة ** ** ** ** الكلام اللين يغلب الحق البين ** ** ** ** كلنا كالقمر .. له جانب مظلم ** ** ** ** لا تتحدى إنساناً ليس لديه ما يخسره ** ** ** ** العين التي لا تبكي , لا تبصر في الواقع شيئاً ** ** ** ** المهزوم إذا ابتسم , افقد المنتصر لذة الفوز ** ** ** لا خير في يمنى بغير يسار ** ** ** ** الجزع عند المصيبة , مصيبة أخرى ** ** ** ** الابتسامة كلمة معروفه من غير حروف ** ** ** ** اعمل على أن يحبك الناس عندما تغادر منصبك , كما يحبونك عندما تتسلمه ** ** ** ** لا تطعن في ذوق زوجتك , فقد اختارتك أولا ** ** ** ** لن تستطيع أن تمنع طيور الهم أن تحلق فوق رأسك و لكنك تستطيع أن تمنعها أن تعشش في رأسك ** ** ** تصادق مع الذئاب ... على أن يكون فأسك مستعداً ** ** ** ** ذوو النفوس الدنيئة , يجدون اللذة في التفتيش عن أخطاء العظماء ** ** ** ** إنك تخطو نحو الشيخوخة يوماً مقابل كل دقيقة من الغضب ** ** ** كن صديقاً , ولا تطمع أن يكون لك صديق ** ** ** إن بعض القول فن .. فاجعل الإصغاء فناً ** ** ** ** الذي يولد يزحف , لا يستطيع أن يطير ** ** ** ** اللسان الطويل دلالة على اليد القصيرة ** ** ** ** نحن نحب الماضي لأنه ذهب . ولو عاد لكرهناه ** ** ** من العظماء من يشعر المرء بحضرته أنه صغير ولكن العظيم بحق هو من يُشعر الجميع في حضرته بأنهم عظماء ** ** ** ** من يطارد عصفورين يفقدهما جميعاً ** ** ** ** المرأة هي نصف المجتمع وهي التي تلد و تربي النصف الآخر ** ** ** كلما ارتفع الإنسان , تكاثفت حوله الغيوم والمحن ** ** ** لا تجادل الأحمق , فقد يخطئ الناس في التفريق بينكما ** ** ** ** الفشل في التخطيط يقود إلى التخطيط للفشل ** ** ** قد يجد الجبان 36 حلاً لمشكلته ولكن لا يعجبه سوى حل واحد منها وهو .. الفرار ** ** ** ** شق طريقك بابتسامتك خير لك من أن تشقها بسيفك ** ** ** ** من أطاع الواشي ضيَع الصديق ** ** ** أن تكون فرداً في جماعة الأسود خير لك من أن تكون قائداً للنعام ** ** ** ** لا تستحِ من إعطاء القليل فإن الحرمان اقل منه

شروط الصلاة المقبولة

تصدر من قلب نقى. لأن" ذبيحة الأشرار مكرهة الرب، وصلاة المستقيمين مرضاته" (أم 15: 8) (أم 21: 27). وقد رفض الرب صلاة الأشرار فقال لهم " حين تبسطون أيديكم، أستر وجهى عنكم. وإن أكثرتم الصلاة، لا أسمع. أيديكم ملآنة دمًا" (أش 1: 15). ويقول الكتاب " طلبة البار تقتدر كثيرًا في فعلها" (يع 5: 16). إذن ماذا يفعل الخاطئ المثقل بآثامه؟ يصلى ليساعده الله على التوبة. ويتوب لكي يقبل الله صلاته.. يصلى ويقول: "توبنى يا رب فأتوب" (أر 31: 18). فالصلاة هى باب المعونة، الذي يدخل منه الخاطئ إلى التوبة. إذن لا تنتظر حتى تتوب ثم تصلى!! إنما أطلب التوبة في صلاتك، من ذلك الذي قال "بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا" (يو 15: 5) وقد قال ماراسحق "من قال إن هناك بابًا آخر للتوبة غير الصلاة فهو مخدوع من الشياطين".. تكون بالروح فيها روح الإنسان يخاطب روح الله، وقلبه يتصل بقلب الله، هذه الصلاة التي من الروح ومن القلب، هى التي تفتح أبواب السماء، وتدخل إلى حضرة الله، وتكلمه بدالة، وتتمتع به، وتأخذ منه ما تريد.. بل هذه الصلاة هى التي تشبع الروح، كما قال المرتل: " باسمك أرفع يدي، فتشبع نفسي كما كم شحم ودسم" (مز 163: 4، 5). هذه الصلاة التي من القلب، هى التي يشعر فيها الإنسان بلقائه مع الله. ففيها أما أن نصعد إليه،أو ينزل هو إلينا. المهم أن نلتقي. أو هو الروح القدس يصعدنا فكرًا وقلبًا إلى الله. وعن هذه الصلاة يقول القديسون إنها حلول السماء في النفس، أو أن النفس تتحول إلى سماء. وهنا تتميز الصلاة بحرارة روحية لتكن بحب وعاطفة، "صلاة حارة" الصلاة التي بالروح، تكون حارة بطبيعتها. أشعلها الروح الناري. ولذلك قيل عن صلاة القديس مكسيموس ودوماديوس إنها كانت تخرج من أفواههم كشعاع من نار. وهكذا كانت أصابع القديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين حينما كان يرفع يديه في صلاته.. لتكون بفهم وتركيز. التركيز يبعد الصلاة عن طياشة الفكر. كذلك عنصر الفهم يجعل الذهن مركزًا، والعاطفة أيضًا تركز الفكر0 أما الذي يصلى بدون قلب، وبدون فهم، وبدون عاطفة، فبالضرورة تشرد أفكاره في موضوعات متعددة لأن قلبه لم يتخلص بعد من الاهتمام بهذه العالميات، ولا يزال متعلقًا بها حتى وقت الصلاة. فلا تكون صلاته طاهرة، لأنها ملتصقة بماديات العالم. لهذا، عندما سئل القديس يوحنا الأسيوطى "ما هى الصلاة الطهارة؟" أجاب "هي الموت عن العالم"، لأنه حينما يموت القلب عن أمور العالم، لا يسرح فيها أثناء صلاته، فتصبح صلاته طاهرة بلا طيش. لتكن بخشوع أمام الله. . فيمتزج حديثنا مع الله بالاحترام والتوقير، وندرك أدب الحديث مع الله. وخشوعنا ليس هو خوف العبيد، إنما هو توقير الأبناء لأبيهم وأي أب؟ إنه ليس أبًا على الأرض، بل هو أبونا الذي في السموات، الذي تقف أمامه الملائكة في هيبة " بجناحين يغطون وجوههم. وباثنين يغطون أرجلهم" (أش 6: 2). لهذا قال ماراسحق: " إذا وقفت لتصلى، كن كمن هو قائم أمام لهيب نار". خشوعك أمام الله هو خشوع الروح وخشوع الجسد أيضًا. أما عن خشوع الجسد: فيشمل الوقوف والركوع والسجود، بحيث لا تقف وقفة متراخية ولا متكاسلة، ولا تستسلم للشيطان الذي يحاول أن يشعرك في وقت الصلاة بتعب الجسد أو بمرضه أو إنهاكه أو حاجته إلى النوم..! خشوع الجسد لازم، لأن الجسد يشترك مع الروح في مشاعرها، ويعبر عنها. فخشوع الروح يعبر عنه خشوع الجسد. وتراخى الروح وعدم اهتمامها، يظهر كذلك في حركات الجسد، مثل انشغال الحواس بشيء آخر أثناء الصلاة! سواء النظر أو السمع وما إلى ذلك.. أما عن خشوع الروح : فيجب أن تصلى بقلب منسحق. وتذكر أن الرب قريب من المنسحقين بقلوبهم.. لا تنس أنك طبيعة ترابية، وأنك تكلم خالقك الذي هو ملك الملوك ورب الأرباب (رؤ 19: 16). ولا تنس أيضًا خطاياك التي أحزنت بها روح الله القدوس، وخنت محبته وقابلت إحساناته بالجحود لذلك قف بانسحاق قدامه، كما صلى دانيال النبي وقال " لك يا سيد البر. أما لنا فخزي الوجوه.. لأننا أخطأنا إليك. تمردنا عليك" (دا 9: 7-9). لتكن بإيمان.. تؤمن أن الله يسمعك ويحبك، ويستجيب لك في كل ما يراه خيرًا لك. وقد قال السيد الرب "كل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين، تنالونه" (مت 21: 23). وإن لم يكن لك هذا الإيمان، فاطلبه في صلاتك. كما قال أبو ذلك المريض المصروع للرب "أؤمن يا سيد. فأعن عدم إيماني" (مر 9: 24) – أو كما قال الرسول للرب: زد إيماننا (لو 17: 5) تذكر ذلك الوعد الجميل " كل شيء مستطاع للمؤمن" (مر 9: 23). ثق أن الإيمان يعطى الصلاة قوة. وأيضًا الصلاة تقوى الإيمان.. غير أنك إن طلبت طلبًا لا تتعجل نواله. وإنما انتظر الرب. آمن أنه سوف يستجيب، مهما بدا لك أنه أبطأ في استجابته. استمع إلى داود النبي وهو يقول "أنتظر الرب. ليتشدد وليتشجع قلبك، وانتظر الرب" (مز 27: 13). لتكن بعمق وبفهم. كلما كانت صلاتك بفهم، وتقصد كل كلمة تقولها، فإنها حينئذ ستكون بعمق. إن المرتل يصرخ في المزمور ويقول "من الأعماق صرخت إليك يا رب. يا رب استمع صوتي" (مز 130: 1). "من عمق قلبي طلبتك" (مز 199). صل إذن من عمق قلبك، ومن عمق فكرك، ومن عمق إيمانك، ومن عمق احتياجك.. وعمق الصلاة يمنحها حرارة. شروط الصلاة المقبولة - من كتاب العبادة الكاملة - كتب الأنبا متاؤس

ما هى فائدة بيض النعام المعلق فى أغلب الكنائس الأرثوذكسية القديمة والأديرة ؟

يتدلي امام حامل الأيقونات وهو يذكرنا بالقيامة حيث يخرج صغار النعام منه ولأن عينا النعام لا تفارق البيض في فترة الحضانة بنات اوى ايضا اخرجت اطباءها ارضعت اجراءها اما بنت شعبي فجافية كالنعام في البرية (مرا 4 : 3 )

الصلاة من بستان الرهبان


الصلاة ما هـــي .. !

 + قال مار أفرام : " الإنسان مكون من جسد ونفس ، أن لم يتغذى الجسد بالخبز فلن يعيش ، كذلك النفس أن لم تتغذ بالصلاة والمعرفة الروحانية فهي مائتة". + سئل مرة مار اسحق : " ما هي الصلاة ؟ " . فال : " هي تفرغ العقل من جميع أمور الدنيا ، ونظر العقل إلى شوق الرجاء المعد " . + وقال أيضاً : - محاسن الصلاة : الاغتصاب والصبر والاحتمال وطول الروح والتجلد، والصلاة هي صراخ العقل الذي يصرخ من حرقة القلب ". - " أحب الصلاة كل حين ، لكي يستنير قلبك بالله " . - " اذلي يتهاون بالصلاة ويظن أن هناك ثمة باب آخر للتوبة، فهو محل للشياطين " . - " الإنسان العادم من الصلاة ، ويجادل على الفضائي ، لا فرق بينه وبين الأعمى العادم النور ، ويجادل على حسن الفصوص الكريمة ، والألوان الكثيرة " . روح الصلاة (أ) علامة الصليب المقدسة + قال شيخ :- " حدث أنى كنت سائر في الصعيد مع رجل اسماعيلى ، وأمسى علينا الوقت ولم نستطع أن نصل إلى مسكن لنلتجئ فيه إلى الغد، وبينما نحن مختارون وخائفون من الوحوش، صادفتنا برية عتيقة، فدخلناها لنستريح إلى الغد. فوقفت ورشمت علامة الصليب المقدسة من ناحيتى هذه وهذه، ثم رشمتها أيضاً تحت رأسى ، ورقدت . وفي منتصف الليل، إذا بنا نسمع صهيل خيل، وصياحا، وخيال عظيماً ، وقلقا من الجنون، ورأبت واحدا أجلسوه على كرسى وال ، وأمر القيام بين يديه أن يخلوا البرية حيث كنا راقدين، وأخرجوا الراقد معى، وضربوه حتى شارف الموت، وكانوا يقولون له : " أين هو الراقد معك ؟ " فيقول لهم : " أنه في الموضع الذي كنت راقداً فيه " . أما هم، فانهم إذا أرادوا الدخول إلى مر قدى، يرون علامة الصليب المقدس فيهربون إلى خلف، ويقعون على وجوههم، وفي رجوعهم إلى الجالس على الكرسى، كانوا يعاقبون ذلك الاسماعيلى جداً، ويصيحون عليه بأصوات مختلفة قبيحة، قائلين :" أين الذي دخل معك ؟ " فيقول لهم : " أن موضعه في الداخل، راقداً" . أما أنا فصرت كالميت من الخوف الذى لحقنى ، وهم كلما أقتربوا منى ونظروا علامة الصليب، يهربون إلى الخلف، ويسقطون على وجوههم، وكان الجالس على الكرسى يقول لهم : " ما بالكم لا تحضرونه ؟ " فكانوا يقولون له : "إذا نحن دنونا منه، ننظر إلى علامة الصليب، فلا نقدر أن نقف، بل نهرب إلى خلف، ونسقط على الأرض" ، فيقول لهم : " أصعدوا الى الهواء، وانزلوا عليه من فوق وأتونى به" ، فكانوا لما يأتون إلى ، ينظرون العلامة على رأسى، فيهربون إلى خلفا، ومكثت هكذا في هذا الإنزعاج العظيم، حتى أشرق النور، حيث ذهبوا خائبين، ، تاركين ذلك الرجل قريبا من الموت، وقد عجبت إذ لم يقدروا الدنو منى وقلت : " سبحان السيد المسيح صاحب العلامة " . أما ذلك الرجل الذي ضربوه ، فقد تعجب منى لما رآنى، وقال : " لماذا لم يقدروا أن يضربوك وضربونى أنا ؟ " فأعلمته بعلامة الصليب المخلص الذي لسيدنا يسوع المسيح، فعندما سمع منى هذا، مضى وتعمد ، وصار مسيحياً مختاراً، وأكمل عمره وهو لابس السلاح، والمثال الذى لالهنا يسوع المسيح " . + كان في زمان بوريق الملك رجل يقال له الوسيط، تشبه بالمسيح الدجال في سحره ، وكان قد أدرك بسحره ما لم يدركه أحد ممن كان قبله من السحرة وكان له صديق يعمل كاتبا يخاف الله. فأراد الساحر أن يطغيه بعمله السحر فدعاه ليلة وركبا فرسين وخرجا من المدينة أول ساعة من الليل . فلما أنقضى نصف الليل وإذا هما في بقعة سهلة ليس فيها مدينة ولا قرية ، فوجدا بابا في قصر ، فقرع الساحر الباب ففتح لهما ولقيهما جماعة لونهم أسود، فسلما على الوسيط وأجخلوهما إلى موضع مجلس كبير فيه منبر وكراس موضوعة وفي الوسط كرسى، وعليه شخص عظيم أسود اللون وعن يمينه وشماله كثير من السود قيام. فخر الساحر ساجادً له فقال له ببشاشة مرحبا بالوسيط. قد قضيت حوائجك. فقال: من أجل هذا أتيت لأشكرك. فجلس الساحر عن يمينه فلما رآهم الكتاب زهد بهم، ووقف وراء الوسيط فقال الرئيس من هذا الذي معك. فقال : عبدك. فالتفت له الرئيس وقال : أنت عبدى؟ فصلب الكتاب على وجهه وقال أنا عبد الآب والأبن والروح القدس فوقع الأركون من مجلسه وغاص في الأرض وأنطفأت المصابيح وولوا هاربين، وغرق القصر بكل من فيه والساحر ولم يبقى إلا الكتاب والفرسان فقط. فلم يلتفت ولكنه ركب فرسا وترك الأخرى. وسار إلى المدينة وضرب على الباب ففتح له وأخبر بكل ما ناله . وبعد ذلك لجأ إلى رجل من الآباء يخاف الله. ففيما هما في صلاتهما أمام أيقونة السيد المسيح صرفت الأيقونة وجهها عن البطريك ونظرت إلى الكاتب فتحول الأب إلى الشرق الذي كان فيه الكاتب فحولت وجهها أيضاً إلى الكاتب . فخر الأب قبالتها ساجداً. وقال يارب لا تصرف وجهم عنى، بل أظهر لى يارب وارحمنى. فأنني أعلم بأنني خاطئ. ولما أكثر من هذا القول ومثله وهو باك . نظرت الأيقونة للكاتب وقالت للأب أنا أعلم أنك تعطي للمساكين مما أعطيتك وترحمهم وأنا كافيك عن ذلك وأما هذا القديس فحقه على واجب . (ب) بداية الصلاه + قال أنبا أنطونيوس : - " أن أول كل شئ هو أن تصلى بلا ملل وتشكر الله على كل ما يأتي عليك". - " صل أبدأ صلاة في خزانتك أولا قبل صلاتك مع الأخوة " . + سأل الشيوخ مرة أنبا مقاريوس الكبير : " كيف نصلى ؟ فقال : نبسط أيدينا إلى الله ونقول : يا الله أهدنا كما تحب وكما تريد .. وأن أصابتنا ضيقة قلنا : يارب أعنا فهو يعرف ما هو خير لنا ويصنع معنا كرحمته ومحبته للشر .. " . + وقال مار اسحق : - " بالقراءة المفروزة أجمع قلبك من الكل، وقم للصلاة، وفي وقت الصلاة وجه نظرك إلى الجموع الصارخة : " أصلبه " ، وأعجب من مخلص الكل كيف يصرخ بنوع الصلاة : " يا أبتاه، لا تقم لهم هذه الخطية " وتشبه به بأكثر قوتك، وأبدأ بالصلاة والدموع " . - قيل أنه كلما جاء إنسان لأنبا سرابيون الأسقف ليتسلم ثوب الرهبنة كان يقول له : " عندما تصلى قل : " يا سيدى علمنى أن أصنع ارادتك " . + وقال القديس يوحنا القصير : - " إذا قمت في صلاتك قدام الله فأول كل شئ قل : قدوس قدوس قدوس الله القوى ، السماء والأرض مملوءتان من تسابيحك. وبعد ذلك قل : اللهم أهلنا بنعمتك لذلك الشرف الذي أعددته في العالم الجديد. ولا يديننا عدلك في مجيئك العظيم. اللهم أهلنى لمعرفتك الحقانية والخلطة بحبك التام. ووحينئذ أختم صلاتك بالصلاة التى علمها الله لتلاميذه واتلها دائما بتأمل " . (ج) الاسراع الى الصلاة + قال أنبا أنطونيوس : - " إذا ضرب الناقوس لا تتوان عن الحضور الى الكنيسة، لا تتحدث هناك ولا تمض الى كنيسة يجتمع فيها الناس " . + وسئل القديس برصنوفويس : - "إذا طلب منى إنسان أن أصلى لأجله، أينبغى لى أن أصلي لأجله أم لا" أجاب : " جيد أن تصلى عن كل من يسألك، لأن الرسول يعقوب يقول : " صوا لأجل بعضكم بعضا كيما تعافوا ، وقد صلى أناس لأجل الرسل ، على أن تفعل ذلك كمن هو غير مستحق ولا دالة له " . (د) فاعلية الصلاة أتى تلميذ لأنبا مقاريوس وقال له : " أبى يرسلنى لقضاء خدمات له ، ولكنى خائف من الزنى " فقال له الشيخ: في أي وقت تأتيك التجربة قل : "أيها الرب إلهى بصلاة أبى نجنى، وهو يخلصك" وحدث في أحد الأيام أن أغلقت عليه عذراء الباب، فصرخ بصوت عظيم وقال : "يا اله أبى خلصنى" وللوقت وجد نفسه في طريق الاسقيط . + وقيل عن الأب مرقس المصري أنه مكث ثلاثين سنة لم يخرج خارجاً عن قلايته، وقد أعتاد قسيس أن يأتي إليه، ويقوم بخدمة القداس، فاحتال الشيطان في ايقاعة في ألم الديونة، فأوعز الى بعضهم فأتوا إليه بأنسان مجنون بروح نجس ، طالبين أن يصلى عليه، فقبل كل شئ بدأ المريض يقول له : " أن قسيسك له رائحة الخطية فلا تدعه يدخل إليك " فقال له الشيخ : أيها الولد أن كل الناس يطرحون الجيف والنجاسة خارجاً، أم أنت فقد أدخلتها إلى ، أما كتب " لا تدينوا لئلا تدانوا" فهو وأن كان خاطئاً، لكن الرب يخلصه، لأنه كثب " وأن هو سقط فالرب يقيمه" وقد كتب ايضا " ليصل بعضكم من أجل بعض لكي تشفوا " . واذ قال ذلك صلى صلاة فخرج الشيطان من ذلك الإنسان وفر خائباً. فلما أتى القس كعادته قبله الشيخ بفرح، فلما أبصر الآله الصالح أمانة الشيخ، كشف له سرا وهو أن القسيس عندما أعتزم الوقوف قدام المائدة المقدسة، رأى الشيخ أن ملاكا قد أنحدر من السماء ، ووضع يده عليه فصار كعمود نار، فعجب الشيخ من ذلك المنظر، إذا بصوت يأتيه قائلاً : " لماذا تعجب ؟ أن كان الملك الأرضي لا يرتضى أن يقف أحد خدامه بين يديه بلباس قذر، فكم بالحرى ملك السماوات فأنه يحلل خدامه الواقفين بين يديه بالمجد " . + ومرة أحضر إلى الدير سمك، فشواه الطباخ، وتركه في الخزانة وخرج. فقبل أن يمضى أقام عليه صيا ليحرسه الى حين عودته، الا أن الصبى بدأ يأكل من السمك بشره فلما جاء الخازن ووجده يأكل غضب ورفسه، فصادفت نافوخه (أم رأسه) وهو جالس، فوقع الولد على الأرض ميتا. أما الخازن فقد اعتراه الخوف، وأخذ الصبى ووضعه على سريره وغطاه، وجاء إلى الأب جلاسيسوس وخر عند رجليه وأعلمه بما حدث، فقال له الشيخ: " لا تعلم أنسانا بهذا الأمر، لكن أذهب واحضره سرا إلى الدياقونيكون وضعه قدام المذبح وانصرف" فجاء الشيخ الدياقونيكون وقام في الصلاة. ولما أجتمع الأخوة في الكنيسة لتأدية صلاة الليل، خرج الشيخ والصبي خلفه . (هـ) الجهاد في الصلاة + سأل بعض الأخوة أنبا أغاثون قائلين : " أى فضيلة أعظم في الجهاد؟" فقال : أغفروا لى . ليس هناك جهاد أعظم من أن نصلى دائما الله، لأن الإنسان إذا أراد أن يصلى كل حين حاول الشياطين أن يمنعوه. لأنهم يعلمون بأن لا شئ يبطل قوتهم سوى الصلاة أمام الله . كل جهاد يبذله الإنسان في الحياة. ويتعب فيه لابد أن يحصد منه الراحة أخيراً. ألا الصلاة فأن من يصلى يحتاج دائما إلى جهاد حتى آخر نسمة . + وسألة الأخوة بخصوص قتال الزنى فقال : " أمضوا وأطرحوا ضعفكم قدام الله فتجدوا راحة " . + وقال شيخ : ينبغى للراهب أن يقاتل بجهاد كثير ضد شيطان الضجر، وصغر النفس وبخاصة وقت الصلاة، فإذا قوى على هذا، فليحذر من شيطان الكبرياء وليقل : "أن لم يبت الرب البيت فباطلا يتعب البناءون ، وأن لم يحرس الرب المدينة، فباطلاً يسهر الحراس " ، كما يذكر كلام النبي " أن الله يقاوم المستكبرين ويعطى المتضعين نعمة " . + وقال أخ لشيخ : " أن أصابنى ثقل النوم أو فاتني وقت الصلاة وأنتهيت ولم تبسط نفسي للصلاة حزنا، فماذا أعمل ؟ " فقال له : " ولو نمت إلى الصباح فقم وأغلق بابك وأتمم قانونك ، فالنبي داود يقول مخاطباً الله : " لك النهار ولك الليل. والهنا لكثرة جوده ورحمته في أي وقت دعى أجاب " . + وقال القديس مقاريوس الكبير : " أن الذي يلازم الصلاة يقتنى أفضل الأعمال إذ هو محتاج إلى جهاد أكثر من سائر الأعمال . لذلك ينبغى له الحرص الدائم والصبر والتعب دائماً لأن الشرير يناصبه العداء ويجلب عليه نعاساً وكسلاً وثقل جسد وانحلالاً وضجراً وأفكاراً مختلفة وطياشة عقل وحيلا كثيرة محاولاً أبطال الصلاة لذلك يلزمه الجهاد إلى الدم مقابل أولئك الذين يطلبون أبعاد النفس عن الله . وليتيقظ مراقباً ذهنه. مطارداً الأفكار المضادة بشدة. وطالبا من الله عونا وفهما " . وقال أيضاً : " أن لم تكن لك صلاة الروح فجاهد في صلاة الجسد ، وعند ذلك ستعطى أيضاً الصلاة بالروح ، وأن لم يكن لك اتضاع الروح، جاهد من أجل الاتضاع الذي بالجسد وعندئذ ستعطى ايضا الاتضاع الذي بالروح . لأنه كتب : أسألوا تعطوا " . + وسأل أخ شيخاً : كيف أجد أسم ربى يسوع المسيح ؟ قال له الشيخ: "إذا لم تحب الألعاب أولاً لا تستطيع أن تجده " . (و) الالتصاق بالرب يسوع + سأل أخ شيخاً قائلاً : " أتريدنى أن أترك قلبي عند خطاياي ؟ قال : لا. قال : فهل أتركه عند جهنم ؟ قال : لا . بل أتركه عند يسوع المسيح فقط والصق عقلك به لأن الشياطين يريدون أن يأخذوا ضميرك إلى حيث يبعدونك عن الرب يسوع المسيح ، فسأله وبأي شئ يلتصق الضمير بالرب يسوع . قال له : بالعزلة وعدم الهم . والتعب الجسداني بقدر . + وقال القديس باخوميوس : " لا تميز موضعاً من موضع قائلاً : سوف أرى الله هنا أو سوف أراه هناك لأن الله في كل موضع . لانه يقول : أنا ملء السماء والأرض : أن أحببت أن تعبر مياها كثيرة فأحذر لئلا تغمرك. لا تفتش على الأمور المستعلية لئلا تتلف حياتك . أحتفظ القدس فقط فهوذا الله داخلك. أنظر أين كان اللص فورث الجنة، أو أين كان يهوذا فاستحق المشنقة أو كيف حسبت الزانية مع الأطهار أو كيف أغوى الشيطان حواء في الفردوس أو كيف أصعد أيليا الى السماء . أو كيف سقطت الملائكة من هناك فاطلب ولا تكسل . أطلب الله فتجده " . + قال الآب الينوس : من لم يقل : " لا يوجد في هذا الكون كله ألا الله وأنا فقط فلن يصادف نياحا " . + قال الأل مسطوفس : " كلما دنا الأنسان من الله ، فأنه يرى نفسه خاطئا لأن أشعياء النبى لما أبصر الله دعا نفسه دنسا ونجساً ". + وقال القديس باسيليوس : " عموم الناس يظنون أن الله في الهياكل فقط ، فيحسنون سيرتهم فيها فقط ، وذوو المعرفة يعلمون أن الله في كل موضع، فينبغى أن يحسنوا سيرتهم في كل موضع " . + وقال شيخ : كما أن الإنسان لا يستطيع أن يؤذي رفيقه وهو واقف معه قدام السلطان ، كذلك العدو لا يقدر أن يؤلمنا بشئ من السر، مادامت نفوسنا قريبة من الله ، كما هو مكتوب : " أقتربوا من الله يقترب الله منكم " ، ولكننا إذا كنا في كل حين نتنزه ونشتغل بما لا ينبغى ، فأن العدو يتمكن منا ، ويلقينا في أوجاع الخطية " .

القديس مقاريوس الكبير

خروجه الى البرية هربوه من القسيسة: جاء عن القديس مقاريوس الكبير انه قال: انى فى حال شبابى كنت جالساً فى قلاية فى مصر فامسكونى وجعلونى قسا لضيعة ( قرية ) واذا لم اؤثر ان اتقلد هذه الرتبة هربت الى مكان اخر حيث كان يأتينى رجل علمانى تقى وكان يخدمنى ويبيع عمل يدى. تجربته الاولى : فى يوم من الايام حدث ان بتولا فى ذلك المكان سقطت فى زنى وحملت فلما اشهرت سئلت عمن فعل معها هذا الفعل فقالت : المتوحد 00!! وسرعان ما خرجوا على واخذونى باستهزاء مريع الى القرية وعلقوا فى عنقى قدوراً قذرة جداً وآذان جرار مسودة مكسورة. وشهروا بى فى كل شارع من شوارع القرية وهم يضربوننى قائلين: ان هذا الراهب افسد عفة ابنتنا البتول اخزوه وهكذا ضربونى ضربا مبرحاً قربت بسببه الى الموت الى ان جاءنى احد الشيوخ فقال لهم : الى متى هذه الاهانة ، اما يكفيه كل ذلك خجلاً فكانوا يشتمونه قائلين : ها هو المتوحد الذى شهدت له بالفضل ، انظر ماذا فعل واخيرا قال والدها: لن نطلقه حتى يأتينا بضامن انه يتعهد بالقيام باطعامها ويدفع نفقة لولادتها الى ان يتربى الطفل فدعوت الاخ الامين الذى كان يخدمنى وقلت له: " اصنع محبة واضمنى " فضمنى ذلك الرجل واطلقونى بعد ذلك فمضيت الى ثلايتى وقد كدت ان اموت ولما دخلت قلايتى اخذت اقول لنفسى : " كد يا مقارة قد صارت لك امرأة الان يا مقارة قد وجدت لك امرأة وبنون فينبغى لك ان تعمل ليلاً ونهاراً لقوتك وقوتهم" وهكذا كنت اعمل دائماً قففا وادفعها الى ذلك الرجل الذى كان يخدمنى فيبيعها ويدفع المرأة حتى اذا ولدت تنفق على ولدها. ولما حان وقت ولادة الشقية مكثت اياماً كثيرة وهى معذبة وما استطاعت ان تلد فقالوا لها " ما هو هذا؟ 00 ما هو ذنبك فها انت بعد قليل تموتين؟" فقالت "ان كل ما اصابنى بسبب انى قد ظلمت المتوحد واتهمته وهو برئ لانه ما فعل بى شيئاً قط لكن فلان الشاب هو الذى تحايل على وفعل بى هذا". فجاء الى خادمى مسروراً وقال لى : ان تلك البتول ما استطاعت ان تلد حتى اعترفت قائلة : " ان المتوحد لا ذنب له فى هذا الامر مطلقاً وقد كنت كاذبة فى اتهامى له" وها اهل القرية كلهم عازمون على الحضور اليك ويسألونك الصفح والغفران فلما سمعت انا هذا الكلام من خادمى اسرعت هارباً الى الاسقيط وهذا هو السبب الذى لاجله جئت الى جبل النطرون. اب الرهبان : قيل عن الانبا مقاريوس انه بنى لنفسه قلاية غربى الواحات وسكن فيها وصار يضفر الخوص ويعيش من عمل يديه ويعبد الله كنحو قوته00 لما سمع به اناس حضروا اليخ وسكنوا معه فكان لهم اباً مرشدا. وكثر الذين يحضرون اليه فان يلبسهم الزى ويرشدهم الى طريق العبادة فلما كبر عددهم بنوا لهم كنيسة عى الان موضع البراموس فلما ضاق بهم المكان ولم تعد الكنيسة تسعهم تحول الاب من ذلك المكان وبنى كنيسة اخرى. فضائله: 1 - فاعلية صلاته : انطلق الاب مقاريوس مرة من الاسقيط حاملاً زنابيل فاعيى من شدة التعب ووضع الزنابيل علىالارض وصلى قائلاً : يارب انت تعلم انه ما بقى فى قوة واذا به يجد نفسه على شاطئ النهر. 2 – وداعته وتواضعه: اتى الاب مقاريوس يوماً من الاسقيط الى نيرس فقال له الشيوخ: قل كلمة للاخوة ايها الاب فاجابهم قائلاً : انا لم اصر بعد راهبا لكنى رأيت رهبانا00 فقد كنت جالسا فى الاسقيط فى القلاية واذا افكار تأتينى قائلة : اذهب الى البرية الداخلية وتأمل فيما تراه هناك ومكثت مقاتلا لهذا الفكر خمس سنوات ظانا انه من الشيطان لكنى لما وجدت الفكر ثابتا مضيت الى البرية فصادفت هناك بحيرة ماء وفى وسطها جزيرة بها وحوش برية وقد جاءت الى الماء لتشرب وشاهدت بينها رجلين مجردين ( عاريين) فجزعت منهما لانى ظننت انهما روحان لكنهما لما رأيانى خائفا جزعا خاطبانى قائلين : لا تجزع فاننا بشريان مثلك00 فقلت لهما: من أنتما؟00 ومن أين انتما؟00 وكيف جئتما الى هذه البرية؟00 فقالا لى: " كنا كنونيون وقد اتفقنا على ترك العام فخرجنا الى ها هنا ولنا منذ مجيئنا الى هنا اربعون سنة " وقد كان احدهما مصرياً والاخر نوبيا فسألتهما: كيف اصير راهبا فقالا لى : ان لم يزهد الانسان فى كل امور العالم فلن يستطيع ان يصير راهباً فقلت لهما: انى ضعيف فما استيطع ان اكون مثلكما فقال لى: ان لم تستطع ان تكون مثلنا فاجلس فى قلايتك وابك على خطايك فسألتهما: اما تبردان ان صار الشتاء اذا صار حر اما يحترق جسداكما؟00 فأجابانى: ان الله قد دبر لنا الا نجد الشتاء بردا ولا يضرنا فى زمن الحصاد حرا واخيرا قال القديس للاخوة: " لذلك قلت لكم انى لم اصر بعد راهباً؟00 بل رأيت رهبانا00 فاغفروا لى". واورد بلاديوس تفسيرا جاء فيه: قال الاخوة : ماذا قصد الراهبان فى قولهما لانبا مقاريوس: " ان لم تقدر ان تكون راهباً مثلنا اجلس فى قلايتك وابك على خطاياك" اجاب شيخ : لانهما عرفا ان الراهب بالحقيقة هو الرجل الذى استطاع ان يكون منعزلا بجسده ، مقيماً فى حياة التأمل والسكون ، عمالا بالروح والجسد متضعا باكيا كل يوم على خطاياه قاطعا على نفسه كل ذكريات الشهوة والافكار المقلقة متأملاً فى الله وفى كيف يحيا باستقامة وذلك مثلما قال الطوباوى اوغريس: " ان الراهب المنفرد عن العالم هو من قطع من نفسه كل حركات الشهوة وثبت فى الرب بكل افكار روحه". قيل انه فى احدى المرات كانم انبا مقاريوس عابرا فى الطريق حاملا خوصا عندما قابله الشيطان واراد ان يقطعه بمنجل كان ممسكا به فى يده ولكنه لم يستطع ان يفعل هذا ، وقال له : " يا مقاريوس انك تطرحنى على الارض بقوة عظيمة وانا لا استيطع ان اغلبك ولكن انظر هو ذا كل عمل تعمله انت استطيع ايضا ان اعمله انت تصوم وانا لا اكل ابدا انت تسهر وانا لا انام مطلقاً ولكن هناك شيئا واحد به تغلبنى " حينئذ قال له مقاريوس " وما هذا؟ " فقال الشيطان: "انه تواضعك لانه من اجل هذا لا اقدر عليك" فبسط القديس مقاريوس يديه للصلاة وحينذ اختفى الشيطان. وورد ايضاً انه فى مرة ما امسك اشليطان سكينا ووقف على ابا مقاريوس مريدا ان يقطع ردله ولما لم يقدر ان يفعل ذلك من اجل تواضع الشيخ اجاب وقال له: " كل شئ تملكه ، نملكه نحن ايضاً ، ولكنك بالتواضع فقد تتفوق علينا وبه وحده تغلبنا". قيل عن ابا مقاريوس انه عندما كان يقترب اليه الاخوة فى خوف كما الى شيخ عظيم وقديس لم يكن يجيبهم بكلمة وعندما كان اخ يقول له فى استهزاء " أيها الاب ، لو كنت جملاً اما كنت تسرق النطرون وتبيعه واما كان الجمال يضربك؟" فانه كان يرد عليه وان كان احد يكلمه يغضب او بكلمات مثل هذه ، فانه كان يجيب على كل سؤال يوجه اليه. وقال بلاديوس: ان مقاريوس الطوباى كان يتصرف مع جميع الاخوة بدون اى ظن سئ وقد سأله بعض الناس : " لماذا تتصرف هكذا؟ " فأجابهم : " انظروا اننى ابتهلت الى الرب مدة اثتنى عشرة سنة من اجل هذا الامر ان يمنحنى هذه الموهبة فهل تنصحونى بأن اتخلى عنها؟لو ان انساناً اقترف اثما تحت بصر انسان معصوم من الخطية فليعف ذلك المعصوم نفسه وحده من الاشتراك فى حمل قصاص من سقط. ومن امثلة تواضعه ايضاً استرشاده بمن هو اصغر منه وذلك كما ورد فى القصة التالية: قال ابا مقاريوس : ضجرت وقتا وانا فى القلاية فخرجت الى البرية وعزمت على ان اسأل اى شخص عقابله من اجل المنفعة واذا بى اقابل صبيا يرعى بقرا فقلت له " ماذا افعل ايها الولد فانى جائع؟" فقال لى : كل فقلت اكلت ولكنى جائع ايضا فقال لى : كل دفعة ثانية فقلت له : انى قد اكلت دفعات كثيرة ولا زلت جائعا فقال الصبى: " لست اشك فى انك حمار يا راهب لانك تحب ان تأكل دائما " فانصرفت منتفعا ولم ارد له جوابا. 3 - محبته للوحدة : 00 واذ كان يتضايق لان عدداً كبيرا من الناس كانوا يأتون ليتباركوا منه لذلك دبر الخطة التالية: حفر سرداباً فى قلايته00 ووضع فيها مخبأ ذا طول مناسب يمتد من قلايته الى بعد نصف ميل وعند نهايته حفر مغارة صغيرة وعندما كانت تأتى اليه جموع كثيرة من الناس فتعكر وحدته كان يترك قلايته سرا ويمر عابرا فى السرداب دون ان يراه احد ويختبئ فى المغارة حيث لا يقدر احد ان يجده وقد اعتاد ان يفعل هذا كلما كان يرغب فى الهروب من المجد الباطل الذى يأتى من الناس ". وقد قال لنا واحد من تلاميذه الغيورين انه فى تركه القلاية الى المغارة كان يتلو 24 ربعا ( استيخن ) وفى رجوعه 24 اخرى وحينما كان يذهب من قلايته الى الكنيسة كان يصلى 24 صلاة فى عبوره الى هناك ، و2 اخرى فى رجوعه" دفعه سال الاخوة شيخا قائلين : اعتادوا ان يقولوا انه كان من عادة ابا مقاريوس ان يفر الى قلايته اذا سرحت الكنيسة والاخوة قالوا: انه به شيطانا لكنه يعمل عمل الرب فمن هم الذين قالوا انه به شيطانا؟ وما هو عمل الرب الذى اعتاد ان يعمله؟ قال الشيخ : كان المنهاونون يقولون انه به شيطانا فعنما يرى ابليس ان رهبان الدير يعيشون فى حياة روحية مباركة فان اشلياطين تحرك الاخوة المتهاونين ان يثيروا حرباً ضدهم بالاهانة والانتهار والاغتياب والافتراء والمحاكمات التى يسببونها لهم. اما عمل الرف الذى كان يعمله ابا مقاريوس بفراره الى قلايته فكانك صلاة مصحوبة ببكاء ودموع طبقا لما حث به ابا اشعيا قائلا : عندما ينصرف الجمع او عندما تقوم عن الغذاء لا تجلس لتتحدث مع اى انسان لا فى امور العالم ولا فى امور روحية بل امضى الى قلايتك وابك على خطاياك"كما قال القديس مقاريوس الكبير للاخوة الذين كانوا معه : فروا يا اخوة فقال الاخوة: ايها الرب كيف نهرب اكثر من مجيئنا الى البرية؟ فوضع يده على فمه وقال : من هذا فروا وفى الحال فر كل واحد الى قلايته وصمت. اعتاد ابا مقاريوس ان يقول للاخوة بخصوص برية الاسقيط " عندما ترون قلالى قد اتجهت نحو الغابة اعرفوا ان النهاية قريبة وعندما ترون الاشجار قد غرست الى جوار الابواب اعلموا ان النهاية على الابواب وعندما ترون شباناً يسكنون فى الاسقيط احملوا امتعتكم وارحلوا". 4 – تقشفه وزهده: قيل عن الاب مقاريوس: انه كان قد جعل لنفسه قانونا وهو انه اذا قدم له الاخوة نبيذا كان لا يمتنع عن شربه لكنه عوض كل قدح نبيذ يشربه كان يصوم عن شرب الماء يوما فاما الاخوة فلكى ينيحوه كانوا يعطونه وهو لم يمتنع بدوره امعانا فى تعذيب ذاته اما تلميذه فملعرفته بأمر معلمه طلب من الاخوة من اجل الرب الا يعطوا الشيخ نبيذاً لانه يعذب ذاته بالعطش فلما علموا بالامر امتنعوا عن اعطائه نبيذا منذ ذلك الوقت. قال بعض الاباء لابا مقاريوس المصرى: " ان جسدك قد جف سواء اكلت او صمت " فقال لهم الشيخ " ان قطعة الخشب التى احترقت واكلتها النيران تفنى تماما وهكذا ايضاً قلب الانسان يتطهر بخوف الله وبذلك تفنى الشهوات من الجسد وتجف عظامه ". وقيل ايضاً ان انسانا اتاه بعنقود مبكر فلما رأه سبح الله وامر ان يرسلوه الى اخ كان عليلا فلما رآه الاخ فرح ، وهم ان يأخذ منه حبة واحدة ليأكلها لكنه اقمع شهوته ولم يأخذ شيئا وقال : " خذوه لفلان الاخ لانه مريض اكثر منى " فلما اخذوا العنقود اليه راه فرح ولكنه اقمع شهوته ولم يأخذ منه شيئا وهكذا طافوا به على جماعة الاخوة لكان كل من اخذوه اليه يعتقد ان غيره لم يره بعد وهكذا لم يأخذوا منه شيئا وبعد ان انتهوا من مطافهم على اخوة كثيرون انفذوه الى الاب فلما وجد انه لم تضع منه حبة واحدة سبح الله من اجل قناعة الاخوة وزهدهم. وكان القديس يقول : " كما ان بستانا واحداً يستقى من ينبوع واحد تنمو فيه اثما مختلف مذاقها والوانها ، كذلك الرهبان فانه يشربون من عين واحدة وروح واحد ساكن فيهم لكن ثمرهم مختلف فكل واحد منهم يأتى بثمره على قدر الفيض المعطى له من الله". قيل ان انسانا دوقس ( اميرا ) حضر من القطسنطينية ومعه صدقة للزيارة فزار قلاقى الاخوة طالبا من يقبل منه شيئا فلم يجد احدا يأخذ منه لا كثير ولا قليل وكان اذا قابل احدهم اجابه بان لجيه ما يكفيه واه مصل من اجله كمثل من اخذ منه تماما فصار ذلك الدوقس متعجبا ثم انه احضر ذلك الال الى القديس مقاريوس وسجدبين يديه قائلا: " لاجل محبة المسيح اقبل منى هذا القليل من المال برسم الاباء" فقال له القديس: " نحن من نعمة الله مكتفون وليس لنا احتياج الى هذا لان كلا من الاخوة يعمل باكثر من حاجته" فحزن ذلك المحتشم جدا وقال: " يا ابتاه من جهة الله لا تخيب تعبنى واقبل منى هذا القليل الذى احضرته". فقال له الشيخ: " امض يا ولدى واعطه للاخوة". فقال له: " لقد طفت عليهم جميعا فلم يأخذوا منى شيئاً كما ان بعضهم لم ينظر اليه البتة "؟ فلما سمع الشيخ فرح وقال له: " ارجع يا بنى بمالك الى العالم واهله لاننا نحن اناس اموات". فلم يقبل المحتشم ذلك فقال له القديس : " اصبر قليلا " ثم اخذ المال وافرغه على باب الدير وامر بأن يضرب الناقوس فحضر سائر الاخوة وكان عددهم 2400 ثم وقف الاب وقال : " يا اخوة من اجل محبة السيد المسيح ان كان احدكم محتاجا الى شئ فليأخذه بمحبة من هذا المال" فعبر جميعهم ولم يأخذ احدا منهم شيئا. فلما رأى الدوقس منه ذلك صار باهتا متعجبا متفكرا ثم القى بنفسه بين يدى الاب وقال: " من اجل اله رهبنى " فقال له القديس " انك انسان كبير ذو نعمة وجاه ومركز وشقاء الرهبنة كثير وتعبها مرير فجرب ذاتك ثم خبرنى ". فقال : " وبماذا تأمرنى ان افعل من جهة هذا المال؟" فقال له " عمر به موضعا بالاديرة". ففعل وبعد قليل ترهب. وقيل انه بينما كان انبا مقاريوس سائراً فى البرية وجد بقة جميلة مثل فردوس الله وبها ينابيع ماء ونخيل كثير واشجار من انواع مختلفة ذات ثمار. ولما اخبر الاخوة بذلك الحو عليه ان يقودهم للاقامة فى ذلك المكان فرد مع الشيوخ عليهم قائلاً: ان وجدتم اللذة والراحة فى ذلك المكان واذا عشتم هناك بلا متاعب ومضايقات فكيف تتوقعون الراحة واللذة من الله ، أما نحن فليبق بنا ان نحتمل الالام لكى نتمتع بالسرور فى الحياة الابدية. لما قال هذا سكت الاخوة ولم يرحلوا. 5 – اجهاده لنفسه : حدث مرة ان مضى ابا مقاريوس الى القديس انطونيوس فى الجبل وقرع بابه فقال ابا انطونيوس : " من الطارق؟" فقال : " انا مقاريوس ايها الاب " فتركى ابا انطونيوس ودخل ولم يفتح له الباب لكنه لما رأى صبره فتح له اخيراً وخرج معه وقال له : " منذ زمان وانا مشتاق ان اراك " واراحه لانه كان مجهدا من اثر تعب شديد ولما حان المساء بل انطونيوس قليلا من الخوص لنفسه فقال له مقاريوس : اتسمح ان ابل لنفسى انا ايضاً قليلاً من الخوص؟ فقال له بل فاصلح حزمة كبيرة وبلها وجلسا يتكلمان عن خلاص النقس وكانت الضفيرة تنحد من الطاقة فرأى ابا انطونيوس باكرا ان مقاريوس قد ضفر كثير جداً فقال : ان قوة كبيرة تخرج من هاتين اليدين ". 6 – حكمته : قيل ان ابا مقاريوس المصرى ذهب فى احدى المرات من الاسقيط الى جبل نتريا ولما اقترب من مكان معين قال لتلميذه " تقدمنى قليلا " ولما فعل التلميذ هذا قابله كاهن وثنى كان يجرى حاملا بعض الخشب وكان الوقت حوالى الظهر فصرخ نحوه الاخ قائلا " يا خادم الشيطان الى اين انت تجرى؟ " فاستدار الكاهن وانهال عليه بضربات شديدة وتركه ولم يبق فيه سوى قليل نفس ثم حمل ما معه من خشب وسار فى طريقه. ولما ابتعد قليلا قابله الطوباى مقاريوس فى الطريق وقال له: " فلتصحبك المعونة يا رجل النشاط " فاندهش الكاهن واقبل نحوه وقال " اى شئ جميل رأيته فى حتى حييتنى هكذا؟" فقال الشيخ: " انى ارى انك تكد وتتعب وان كنت لا تدرى لماذا " فأجاب الكاهن " وانا اذ تأثرت بتحيتك عرفت انك تنتمى الى الاله العظيم ولكن هناك راهبا شريراً صادفنى قبلك ولعننى ، فضربته ضرب الموت ". فعرف الشيخ انه تلميذه انا الكاهن فامسك بقدمى مقاريوس الطوباى وقال له " لن ادعك تمضى حتى تجعلنى راهباً " ،واذ سار معاً وصلا الى المكان الذى كان فيه الاخ مطروحاص وحملاه واتيا به الى كنيسة الجبل ولكن الاخوة عندما رأوا الكاهن الوثنى مع المغبوط مقاريوس تعجبوا كيف تحول عن الشر الذى كان فيه واخذ ابا مقاريوس وجعله راهبا وعن طريق صار كثير من الوثنيين مسيحيين. وكان مقاريوس الطوباى يقول : " ان الكلمات الشريرة والمتكبرة تحول الناس الاخيار الى اشرار ولكن الكلام الطيب المتواضع يحول الاشرار اخيا". كان ابا مقاريوس يسكن وحده فى البرية وكان تحته برية اخرى حيث سكن كثيرون وفى احد الايام كان الشيخ يرقب الطريق فرأى الشيطان سائرا فيه على هيئة رجل مسافر وقد اقبل اليه وكان مرتديا جلبابا كله ثقوب وكانت انواع مختلفة من الفاكهة معلقة فيها فقال له اشليخ مقاريوس " الى اين انت ذاهب؟ " فأجاب " انا ماض لازور الاخوة لاذكرهم بعملهم ". فقال له الشيخ " لاى غرض هذه الفاكهة المعلقة عليك؟ " فأجاب: " انى احملها للاخوة كطعام " فصأله الشيخ: " كل هذه؟ " فأجاب الشيطان " نعم حتى ان لم ترق لاحد الاخوة اعطيته غيرها وان لم تعطبه اهطيه تلك ولابد وان واحدة او اخرى من هذه ستروقه بالتأكيد " واذ قال الشيطان هذا سار فى طريقه. فظل الشيخ يرقب الطريق حتى اقبل الشيطان راجعاً فلما رآه قال له: "هل وفقت؟" فأجاب الشيطان : " من أين لى ان احصل على معونة؟!" فساله الشيخ: " لاى غرض " اجابه الشيطان " الكل قد تركونى وثاروا على " وليس واحد منهم يسمح لنفسه ان يخضع لاغرائى" فسأله الشيخ : " الم يبق لك ولا صديق واحد هناك؟ " فقال له الشيطان " نعم ، لى اخ واحد ولكنه واحد فقط هذا الذى يخضع لى على الرغم من انه حينما يرانى يحول وجهه عنى كما لو كنت خصما له " فسال الشيخ " ما ه اسم هذا الاخ؟ " فقال الشيطان " ثيئوبمبتس واذ قال هذ رحل وسار فى طريقه. حينئذ قام الشيخ ونزل الى البرية السفلى فلما سمع الاخوة بمجيئه اقبلو للقائه بسعف النخل وجهز كل راهب مسكنه ظانا انه قد يأتى اليه ولكن الشيخ سأل فقط عن الاخ الذى يدعى ثيئوبمبتس واستقبله بفرح وبينما كان الاخوة يتحدثون مع بعضهم البعض قال له الشيخ: هل عندك شئ تقوله يا أخى ؟ " وكيف هى أحوالك؟" فقال له ثيئوبمبتس " فى الوقت الحاضر الامور حسنة معى " وذلك لانه خجل ان يتكلم. فقال له الشيخ : " هوذا انا قد عشت فى نسك شديد مدى سنين طويلة ، وسرت مكرماً من كل واحد وعلى الرغم من هذا ومع اننى رجل شيخ الا ان شيطان الزنا يتعبنى فاجابه ثيئوبمبتس " صدقنى يا ابى انه يتعبنى انا ايضاً" واستمر الشيخ يوجد سبا للكلام – كما لو كان متعبا من افكار كثيرة – الى ان قاد الاخ اخيرا الى ان يعترف بالامر وبعد ذلك قال : " الى متى تصوم؟ " فاجاب الاخ: " الى الساعة التاسعة " فقال له الشيخ:" صم حتى العشار واستمر على ذلك اتل فصولا من الاناجيل ومن الاسفار الاخرى واذا صعدت فكرة الى ذهنك لا تجعل عقلك ينظر الى اسفل بل فليكن فوق دائما والرب يعينك " وهكذا اذ جعل الاخ يكشف افكاره واذ شجعه عاد ثانية الى بريته وسار فى سبيله وكان يرقب الطريق كعادته. ورأى الشيطان ثانية فقال له " الى اين انت ذاهب " فاجاب وقال له " انا ذاهب لذكر الاخوة بعملهم " ولما رحل ورجع ثانية ، قال له القديس : " كيف حال الاخوة ؟" فاجاب الشيطان : " انهم فى حالة رديئة " فسأله الشيخ كيف ؟ فأجاب الشيطان " كلهم مثل حيوانات متوحشة كلهم متمردون واسوأ ما فى الامر انه حتى الاخ الوحيد الذى كان مطيعاً لى قد انقلب هو الاخر لاى سبب لست اعلم ولم يعد يخضع لاغرائى بأى حال وصار اكثرهم نفوراً منى ولذلك قد اقسمت انى لن اذهب الى ذلك المكان الا بعد مدة طويلة على الاقل ". 7 – محبته : قال بلاديوس : ذهب ابا مقاريوس فى احدى المرات ليزور راهبا فوججده مريضاً فسأله ان كان يحتاج الى شئ ليأكل اذ لم يكن له شئ فى قلايته فقال له الراهب : " اتريد خبزا طرياً " او فطيرا " فلما سمع الرجل العجيب هذا الطلب سار الى الاسكندرية ولم يحسب الرحلة الها متعبة على الرغم من ان المدينة كان تبعد عنهم 60ميلا واحضر طلب المريض وقد فعل هذا بنفسه ولم يكلف احدا اخر بأن يحضره وبهذا اوضح الشيخ مقدار الاهتمام الذى يشعر به نحو الرهبان. 8 – عدم ادانته للاخرين : ومن ابرز صفاته انه كان صفوحا متسامحا ولا يدين احدا عاملا بالوصية القائلة : " لا تدينوا لكى لا تدانوا مت 7 : 1 " . " ايها الاخوة ان انسبق احد فاخذ فى زلة ما فاصلحوا انتم الورحانيين مثل هذا بروح الوداعة ناظرا الى نفسك لئلا تجرب انت ايضا – غل 1: 8 " وبذلك اقتاد كثيرين الى حياة الشركة العميقة مع الله. والدليل على صدق هذه الحقيقة ما يلى: قيل عن القديس مقاريوس انه كان فى بعض القلالى اخ صدر منه امر شنيع وسمع به الاب مقاريوس ولم يرد ان يبكته 00 فلما علم الاخوة بذلك لم يستطيعوا صبرا فما زالوا يراقبون الاخ الى ان دخلت المرأة الى عنده ، فاوقفوا بعض الاخوة لمراقبته وجاءوا الى القديس مقاريوس فلما اعلموه قال : " يا اخوة لا تصدقوا هذا الامر ، وحاشا لاخينا المبارك من ذلك " فقالوا : " يا ابانا ، اسمح وتعال لتبصر بعينيك حتى يمكنك ان تصدق كلامنا " فقام القدجيس وجاء معهم الى قلاية ذلك الاخ كما لو كان قادما ليسلم عليه وامر الاخوة ان يبتعدوا عنه قليلا فما ان علم الاخ بقدوم الاب حتى تحير فى نفسه ، واخذته الرعدة واخذ المرأة ووضعها تحت ماجور كبير عنده فلما دخل الاب جلس على الماجور وامر الاخوة بالدخول فلما دخلوا وفتشوا القلاية لم يجدوا احدا ولم يمكنهم ان يوقفوا القديس من على الماجور ثم تحدثوا مع الاخ وامرهم بالانصراف فلما خرجوا امسك القديس بيد الاخ وقال : " يا اخى احكم على نفسك احكم قبل ان يحكموا عليك لان الحكم لله " ثم ودعه وتركه وفيما هو خارج اذ بصوت اتاه قائلا " طوباك يا مقاريوس الروحانى يا من قد تشبهت بخالقك تستر العيوب مثله " ثم ان الاخ رجع الى نفسه وصار راهبا حكيما مجاهدا وبطلا شجاعا. اعتادوا ان يقولوا قصة عن ابا مقاريوس الكبير انه صار متشبهاً بالرب لانه كما ان الله يستر على العالم هكذا فعل ابا مقاريوس ايضاً وستر على الاخطاء التى رآها كأنه لم يراها والتى سمعها كأنه لم يسمعها. ففى احد المرات اتت امرأة الى ابا مقاريوس لتشفى من شيطان ووصل اخ من دير كان فى مصر ايضا وخرج الشيخ بالليل فرأى الاخ يرتكب الخطية مع المرأة ولكنه لم يوبخه وقال: " ان كان الله الذى خلقه يراه ويطيل اناته لانه ان كان يشاء كان يستطيع ان يفنيه فمن اكون انا حتى اوبخه؟!". + ومرة طلب منه أخ (1) ان يقول له كلمة ، فقال له " لا تصنع بأحد شراء ولا تدن أحد ، احفظ هذين وانت تخلص ". هروب : + قيل ان القديس مقارويوس دخل مرة الى مدينة مصر ليعظ فيها . فلما حضر البيعة حضرت اليه جموع كثيرة ومنهم امراة ظلت تزاحم حتى وصلت أمامه وجلست ثم بدأت تنظر اليه كثيرا . فالتفت اليها وانتهرها قائلا : اكسرى عينيك ايتها المرأة . لم تنظرين الى هكذا ؟فقالت المرأة : لم لا تستح منى ايها الاب ، وكيف علمت اننى انظر اليك لانى انا اعمل الواجب وأنت تعمل غير الواجب فقالها لها : فسرى لى هذا الكلام . فقالت : نعم انك خلقت من الارض وواجب عليك ان تنظر اليها دائما لانها هى امك اما انا فقط خلقت منك وواجب على ان انظر اليك (2) فلما سمع القديس منها ذلك ترك الموضع وخرج هاربا ولم يتمم وعظه . بقية اخباره + كان يمنع تلاميذه من ان تكون لهم قنية البتة . وكان بالقرب منه راهب يسكن . اراد القديس ان يجربه فدخل الى مزرعته الصغيرة وصار يقلع منها النبات من الاصول ، حتى بقى نبات واحد حينئذ قال الراهب ببساطة : ياأبانا ان شئت ان تتركه فنحصل منه على تقاوى . عند ذلك علم الشيخ القديس ان هذا الراهب خالص عند الله وليست عنده الزراعة فنية . فقال : ياولدى لقد استراح روح الله عليك . ثم قال لتلاميذه : لو كان مشفقا على النبات لظهر تأسفه وقلقه عند اقتلاعها وتلفها ولكنها عنده كلا شىء وهكذا يعرف الشياطين كيف يحاربون من لهم حب القنية . + كان سائرا مرة فى البرية الداخلية فوجد جمجمة انسان ملقاه فوقف عندها ثم حركها بعصاه وبدأ يبكى ورفع عينيه الى السماء فى تضرح بلجاجة شديدة طالبا من السيد المسيح ان يعلمه بقصة صاحب هذه الجمجمة . ثم حركها ثانية وخاطبها : أسألك باسم المسيح ان تتكلمى . فخرج صوت من الجمجمة قائلا : ماذا تريد منى يامقاريوس البار ؟ فال لها " اريد ان اعرف تاريخ صاحبك . فقالت له الجنجمة " اعلمك بأننى كنت رأسا لملك هذه الاماكن ؟. وكانت هنا بلاد ومدن كثيرة . فتعجب القديس وسألها : ماذا كان اعتقادكم ؟.. فقالت : كنا نعبد الاصنام وتدعوها آلهة ونعمل لها اعيادا وحفلات لا تقدر احد ان يصنع مثلها وكانت المملكة عظيمة جدا وها أنا اليوم كما ترى ياأبانا القديس . ولما سمع ذلك أنبار مقاريوس بكى بكاء عظيما . ثم سأل : وما هى حالكم اليوم ؟ فقالت : نحن فى عذاب شديد لاننا لم نعرف الله ولكنه عذاب اخف وطأة من الذين عروفا الله وآمنو به ثم جحدوه . فتألم القديس كثيرا ثم تركها ومضى عائدا الى قلايته . + ثال ابا مقاريوس : ان كنا نتذكرب شرور الناس فاننا نضر ذاكرتنا . أما ان تذكرنا كيف ان الشيطان يتصر بطريقة شرية فاننا نبقى بلا ضرر . + فى احدى المرات بقينما كان الانبا مقاريوس عابرا على مصر مع بعض الاخوة ، سمع طفلا يقول لامه :" يا أمى ان عنيا يحبنى ولكنى لا ابادله الحب ، وفقيرا يكرهنى وانا احبه ". فلما سمع الابا مقاريوس هذا تعجب فقال له الاخوة " ما معنى هذه الكلمات ياأبانا ؟ فقال لهم الشيخ :" حقا ان الرب هو الغنى ، وهو يحنا ، ونحن لا نريد ان نسمع له . أما عدونا الشيطان فهو فقير ويكرهنا ونحن نحب اموره الضارة ". + كان هناك راهب يدعى بوليس وكان تدبير حياته هكذا : لم يكن يقترب الى العمل الشاق الذى لشغل اليدين / ولا الى امور البيع والشراء الا بما يكفى لكمية الغذاء الضئيلة التى يتناولها فى اليوم . ولكنه برع فى عمل واحد ، وهو انه كان يصلى باستمرار دون توقف . وكان قد وضع لنفسه قانون ان يصلى ثلاثمائة صلاه يوميا . ووضع فى حضنه كميه من الرمل "لعله يقصد من الحصى " ، ومع كل صلاه يصليها كان يضع حبه منها فى يده . هذا الراهب سأل القديس مقاريوس قائلا : يا أبى ، انى مغموم جدا " فسأله الشيخ ان يخبره عن سبب ضيقته . فأجابه قائلا : " لقد سمعت عن عذراء قضت فى الحياه النسكية ثلاثين سنة ، وقد اخبرنا " الاب اور " " اى الكبير " بخصوصها انها تتقدم اسبوعيا ، وانها تتلو خمسمائة صلاه فى اليوم . فلما سمعت هذا احتقرت نفسى جدا ، لانى لا استطيع ان اتلو أكثر من ثلاثمائة صلاه ". حينئذ اجابه القديس مقاريوس وقال : " اننى عشت فى الحياه النسكية ستين سنة . واتلو فى اليوم خمسين صلاه . واعمل بما فيه الكفاية لتزويد نفسى بالطعام . واستقبل الاخوة اللذين يأتون الى ، وأقول لهم ما يناسب .. وعقلى لا يلومنى على اننى مقصر من جهة الله . فهل أنت الذى تصثلى ثلاثمائة صلاه تدان من افاكراك ؟ ربما لا تقدم هذه الصلوات بنقاوة ، أو انك قادر على ان تعمل اكثر من هذا ، ولا تعمل . 9- جهاده ضد الشياطين : (أ) نومه فى مقبرة متوسدا جمجمة: صعد الاب مقاريوس مرة من الاسقيط الى البرية فاتى الى ناووس ( جبانة ) حيث كانت هناك جثث يونانية قديمة ، فأخذ القديس جمجمة ووضعها تحت رأسه . فلما رأى الشياطين جسارته حسدوه وأرادوا ان يزعجوه فنادوا بصوت عال باسم مستعار لامرأة قائلين : يافلانه قد أخذنا الصابون والاشنان وادوات الحمام وها نحن فى انتظارك لتكونى معنا . فخرج صوت من الجمجمة من تحت رأسه قائلا : ان عنجى ضيفا وهو رجل غريب متوسد على فلا يمكننى المجيىء . امضوا انتم . اما القديس فانه لم ينزعج ولكنه رفع رأسه عنها وحركها بيده قائلا : " هأنذا قد قمت عنك فان استطعت الذهاب فانطلقى معهم الى الظلمة " . ثم عاد ووضع رأسه عنها – فلما راى الشياطين ذلك منه تركوه بخزى عظيم وصرخوا قائلين : امضى عنا يا مقاريوس وهربوا . (ب) كشفه اسلحة الشيطان المحتال : جاء عن القديس مقاريوس انه كان فى وقت ما سائرا فى اقصى البرية ، فابصر شخصا هرما حاملا حملا ثقيلا يحيط بسائر جسمه ، وكان ذلك الحمل عبارة عن اوعيه كثيرة فى كل منها ريشة ، وكان لابسا اياها بدلا من الثياب ، فوقف مقابلة وجها لوجه يتأمله ، وكان يتظاهر بالخجل تظاهر اللصوص المحتالين ، فقال للبار : ماذا تعمل فى هذه البرية تائها وهائما على وجهك فاجابه الاب قائلا : انا تائه طالب رحمه السيد المسيح ، ولكنى اسألك ايها الشيخ باسم الرب ان تعرفنى من انت ؟.. لانى ارى منظرك غريبا من اهل العالم ، كما تعرفنى ايضا ما هى هذه الاوعية المحيطة بك ، وما هو هذا الريش ايضا ؟.. وقد كان الثوب الذى عليه مثقبا كله . وفى كل ثقب قارورة – فأقر العدو بغير اختياره وقال : يامقاريوس ، انا هو الذى يقولون عنه شيكان محتال ، اما هذه هذه الاوعية فبواستطها اجذب الناس الى الخطية ، واقدم لكل عضو من اعضائها ما يوافقه من انواع الخديعة ، وبريش الشهوات اكحل من يطيعنى ويتبعنى واسر بسقوط الذين اغلبهم ، فاذا اردت ان اضل من يقرأ نواميس الله وشرائعه ، فما على الا ان ادهنه من الوعاء الذى على رأسى ، ومن اراد ان يسهر فى الصلوات والتسابيح فانى آخذ على حاجبى والطخ عينيه بالريشة واجلب عليه نعاسا كثيرا واجذبه الى النوم . والاوعية الموجودة على مسامعى معدة لعصيان الاوارم وبها اجعل من يسمع الى لا يذعن لمن يرشده . والتى عند انفى بها اجتذب الشاب الى اللذه . اما الاوعية الموضوعة عند فمى فبواسطتها اجتذب النساك الى الاطعمة ، وبها اجذب الرهبان الى الوقيعة والكلام القبيح ، وبذور اعمالى كلها اوزعها على من كان راغبا . ليعطى اثمارا لائقة بى . فأبذر بذور الكبرياء . اما من كان على ذاته متكلا فانى اجعله يتعالى بالاسلحة التى فى عنقى . والتى عند صدرى فهى مخازن افكارى ومنها اسقى القلوب مما يؤدى الى سكر الفكر واشتت وابعد الافكار الصالحة من اذهان اولئك الذين يريدون ان يذكورا مستبل حياتهم الابدية . اما الاوعية الموجودة عند جوفى فهى ملوءة من عدم الحس وبها اجمل الجهال لا يحسون واحسن لهم المعيشة على مذبح الوحوش والبهائم .. اما التى تحت بطنى فمن شأنها ان تسوق الى فعل سائر انواع وضورب الزنى والعشق واللذات القبيحة . والتى على يدى فهى معدة لضرب الجسد والقتل . والمعلقة وراء ظهرى ومنكبى فهى مملوءة من انواع المحن المختصة بى وبها اقارع الذين يرومون محاربتى فانصب خلفهم فخاخا . واذل من كان على قوته متكلا ، والتى على قدمى فهى مملوءة عشرات اعرقل بها طرق المسقيمين . ومن شأنى ان اخلف فى بذر فلاحتى صنوفا من الحسك والشوك . والذين يحصدون منها يساقون الى ان ينكروا طريق الحق . وبعد ان قال هذا صار دخانا واختفى . وان القديس القى بنفسه على الارض وابتهل الى الله بدموع لكى يحارب بقوته عن الضعفاء سكان البرية ويحفظهم . (ج) الشياطين تحاول ان تقتله : قيل ان الاب مقاريوس مضى مره الى البهلس (1) ليقطع خوصا . فأتاه الشيطان واخذ منه المنجل وهم ان يضربه به . اما هو فلم يفزع بل قال له : أن كان السيد المسيح قد اعطاك سلطانا على فها انا مستعد لان تقتنى ، فانهزم الشيطان وانصرف عنه هاربا . شجاعته اما الشيطان : ويروى بلاديوس حادثة اخرى مشابهة بقول فيها : وبينما كان ابا مقاريوس ذاهبا من الحصاد الى قلايته فى احدى المرات ، وكان حاملا بعض الخوص لاقاه ابليس ممسكان بيده منجلا فى الطريق . ولما هم بأن يجرح مقاريوس عاد ابليس فخاف وسقط وقدم خضوعا للرجل الطوباوى . حينئذ هرب الشيخ من ذاك المكان ، واخبر الاخوة بما جرى . فعندما سمعوا مجدوا الله . حسد الشياطين للرهبان : اتى للقديس مقاريوس يوما احد كهنة الاصنام ساجدا له قائلا: من اجل محبة المسيح عمدنى ورهبنى .: فتعجب الاب من ذلك وقال له اخبرنى كيف جئت الى المسيح بدون وعظ ، فقال له : (( كان لنا عيد عظيم . وقد قمنا بكل ما يلزمنا . وما زلنا نصلى الى منتصف الليل حتى نام الناس . وفجأة رأيت داخل احد هياكل الاصنام ملكا عظيما جالسا وعلى رأسه تاج جليل وحوله اعوانه الكثيرون فأقبل اليه واحد من غلمانه فقال له الملك : من اين جئت ؟.. فأجاب : من المدينة الفلانية ، قال : واى شيىء عملت ؟.. قال : القيت فى قلب امرأة كلمة صغير تكلمت بها الى امرأة اخرى لم تستطع احتمالها فادى ذلك الى قيام مشادرة كبيرة بين الرجال تسبب عنها قتل كثيرين فى يوم واحد . فقال الملك : ابعدوه عنى لانه لم يعمل شيئا . فقدموا له واحد اخر فقال له : من اين اقبلت ؟.. قال : من بلاد الهند . قال : وماذا عملت ؟.. اجاب وقال : داخل دار فوجدت نارا قد وقعت من يد صبى فاحرقت الناس الدار فوضعت فى قلب شخص ان يتهم شخصا اخر وشهد عليه كثيرون زورا بانه هو الذى احرقها . قال فى اى وقت فعلت ذلك ؟.. فى نصف الليل . فقال الملك : ابعدوه عنى خارجا . ثم قدموا اليه ثالثا . فقال له : من اين جئت ؟.. اجاب وقال : كنت فى البحر واقمت حربا بين بعض الناس فقرقت سفن وتطورت الى حرب عظيمة ثم جئت لاخبرك فقال الملك : ابعدوه عنى . وقدموا له رابعا وخامسا وهكذا امر بابعادهم جميعا بعد ان وصف كل منهم انوع الشرور التى قام بها حتى اخر لحظة . الى ان اقبل اليه واحد منهم فقال له : مين اين جئت ؟.. قال من الاسقيط . قال له : وماذا كنت تعمل هناك ؟.. قال لقد كنت اقاتل راهبا واحدا ولى اليوم اربعون سنة وقد صرعته فى هذه اللحظة واسقطنه فى الزنا وجئت لاخبرك . فلما سمع الملك ذلك قام من2صبا وقبله ونزع التاج من على رأسه والبسه اياه واجلسه مكانه ووقف بين يديه وقال : (( حقا لقد قمت بعمل عظيم )) فلما رأيت انا كل ذلك ، وقد كنت مختبئا فى الهيكل ، قلت فى نفسى : ما دام الامر كذلك فلا يوجد شيىء اعظم من الرهبنة ، وللوقت خرجت وجئت بين يديك . فلما سمع الاب منه هذا الكلام عمده ورهبنه وكان فى كل حين يقص على الاخوة امر هذا الرجل الذى اصبح بعد ذلك راهبا جليلا. ولكنه عانى ايضا من تجارب داخلية مثما يلى : + طلب ابنوا القديس ان يعرفه الرب من يضاهيه فى سيرته ، فجاءه صوت من السماء قائلا:" تضاهى امرأتين هما فى المدينة الفلانية (1) فلما سمع هذا تناول عصاه الجري ومضى الى المدينة . فلما تقصى عنهما وصادف منزلهما ، قرع الباب فخرجت واحدة وفتحت له الباب . فلما نظرت الشيخ القت ذاتها على الارض ساجدة له دون ان تعلم من هو = اذ ان المرأتين كانتا تريان زوجيهما يحبان الغرباء – ولما عرفت الاخرى ، وضعت ابنها على الارض وجائت فسجدت له ، وقدمت له ماء ليغسل رجليه كما قدمت له مائدة ليأكل . فأجاب القديس قائلا لهما :" ما ادعكما تغسلان لى رجلى بماء ، ولا اكل لكما خبرا ، الا بعد ان تكشفا لى تدبيركما مع الله كيف هو ، لانى مرسل من الله اليكما " . فقالتا له :" من انا يأبابنا ؟.. فقال لهما :" انا مقارة الساكن فى برية الاسقيط " فلما سمعتا ارتعدتا وسقطتا على وجهيهما امامه باكيتين . فانهضماه ، فقال لهما : " من اجل الله تعبت وجئت اليكما ، فلا تكتما عنى منفعة نفسى "فاجابتا قائلتين :" نحن من الجنس غريبتان احدانا عن الاخرى (2) ولكننا تزوجنا اخوين حسب الجسد وقد طلبنا منهما ان نمضى ونسكن فى بين الراهبات ونخذم الله بالصلاه والصوم ، فلم سمحا لنا بهذا الامر ، فجعلنا لانفسنا حذا ان نسلك احدانا مع الاخرى بكمال المحبة الالهية . وها نحن حافظتان نفسينا بصوم دائم الى المساء وصلاة لا تنقطع . وقد ولدت كل واحدة منا ولدا . فمتى نظرت احدانا ابن اختها يبكى ، تأخذه وترضعه كأنه ابنها . وهكذا تعمل كلتانا ورجلانا راعيا ماعز وغنم ، يأتيان من المساء الى المساء الينا كل يوم فنقبلهما مثل يعقوب ويوحنا بنى زبدى ، كأخوين قديسين . ونحن مسكينتان بائستان ، وهما دائبان على الصدقة الدائمة ورحمة الغرباء . ولم تسمح لانفسنا ان تخرج من فم الواحدة منا كلمة عالية البتة ، بل خطابنا وقمنا مثل قاطنى جبال البرية . فلما سمع هذا منهما . خرج من عندهما ، وهو يقرع صدره ويلطم وجهه ، قائلا : ويلى ويلى ، ولا مثل هاتين العالميتين لى محبة لقريبى " وانتفع منها كثيرا . ********* انطاق الزوج صاحب الوديعة : مره نزل الاب مقاريوس الاسقيطى الى الحصاد وبصحبته سبعة اخوه ، وكانت امرأة تلتقط خلف الحصادين وهى لا تكف عن البكاء فاستفهم الاب من رئيس الحصادين عن امر هذه العجوز وعن سبب بكائها دائما .. فاجابه : ان رجلها عنده وديعة لانسان مقتدر . وقد مات فجأة ولا تعلم هذه المرأة موضع هذه الوديعة فلما استراح الحصادون من الحر دعا الشيخ المرأة لها : هلمى ارينى قبر زوجك . فلما وصل اليه (1) صلى مع الاخوة . ثم نادى الميت قائلا : يافلان اين تركت الوديعة التى عندك؟. فاجابه : انها فى بيتى تحت رجل السرير فقال له القديس : نم ايضا ، فلما عاين الاخوة ذلك تعجبوا . فقال لهم القديس (2) ليس من اجلى كان هذا الامر لانى لست شيئا. بل انما صنع الله هذا من اجل الارملة واليتامى . ولما سمعت المرأة بموضع الوديعة انطلقت واخذتها واعطتها لاصحبها . وكل الذين سمعوا هذا سبحوا الله . صلة القديس مقاريوس بالقديسين اولا- القديس انطونيوس : لما سمع القديس مقاريوس بسيرة الانبا انطونيوس ، وبأعماله الفاضله ، مضى اليه . فقبله القديس انطونيوس وعزاه وارشده الى طريقه الرهبنة والبسه الزى ،ثم عاد الى موضعه . ثانيا = القديسان مكسيموس ودوماديوس : قال الاب مقاريوس : حدث يوما وانا جالس بالاسقيط ان أتانى شابان غريبان احدهما متكامل اللحية ، والاخر قد بدأت لحيته ، فقالا لى : اين قلاية مقاريوس ؟ فقلت لهما : وماذا تريدان منه ؟ اجابانى نريد مشاهدته . فقلت لهما : انا هو . فصنها مطانية وقالا : يامعلم نشاء ان نقيم عندم فلما وجدت انهما فى حالة ترف ومن ابناء نعمة وغنى اجبتهما : لكنكما لا تحتملان السكنى ها هنا . فاجابنى الاكبر قائلا: ان لم تحتمل اسكنى هاهنا فاننا نمضى الى موضع اخر . فقلت فى نفسى : لماذا اطرهما وشيطان التعب (1) يشككهما فيما عزما عليه ؟ فقلت لهما : هلما فاصنعا لكما قلاية ان قدرتما . فقالا : ارنا موضعا يصلح . فاعطيتهما فأسا وقفه وكذلك قليلا من الخبز والملح واريتهما صخره صلبة وقلت لهما : انحتا ههنا واحضرا لكم خصا من الغابة وسقفا واجلسا . وتوهمت انها سوف ينصرفان من شدة التعب . فقالا لى : وماذا تصنعون هاهنا ؟ فقلت لهما : اننا نشتغل بضفر الخوص . واخذت سعفا واريتهما بدء الضفيرة وكيف تخاط وقلت لهما : اعملا زنابيل وادفعاها الى الخفراء ليأتوكما بخبز ، وعرفتهما ما يحتاجان من معرفة ثم انصرفت عنهما . اما هما فاقاما ثلاث سنوات ولم يأتيانى . فبقيت مقاتلا الافكار من اجلهما اذ لم ياتيا الى ولا سالانى فى شيىء . ولم يحاولا الكلام مع احد قط . ولم يبارحا مكانهما الا كل يوم احد فقط حيث كان يمضيان الى الكنيسة لتناول القربان وهما صامتان . فصليت صائما اسبوعا كاملا الى الله ليعلن لى امرهما . وبعد الاسبوع مضيت اليهما لافتقدهما واعرف كيف حالهما ، فلما قرعت الباب عرفانى وفتحا لى وقبلانى صامتين وجلست . واوما الاكبر الى الاصغر بأن يخرج . اما الاكبر فجلس يضفر فى الضفيرة ولم يتكلم قط . فلما حانت الساعة التاسعة اوما الى الشاب فاتاه واصلحا مائدة وجعلا عليها ثلاث خبزات بقسماطات وداما صامتين . فقلت لهما : هيا بنا نأكل . فنهضنا واكلنا ، واحضرا كوز ماء فشربنا . ولما حان المساء قالا لى : اتنصرف ؟ فقلت لهما : لن انصرف ، ولكنى سوف ابيت هاهنا الليلة . فبسطا حصيرة فى ناحية وبسطا اخرى لهما فى ناحية اخرى وحلا اكسيميهما (2) ومنطقتيهما ورقدا قدامى على الحصيرة . فصليت الى الله ان يعلن لى ماذا يعملان . واذ كنت راقدا ظهر فجأة فى القلاية ضوء كضوء النهار قدامى وكانا يشاهدانه فلما ظنا انى نائم نخس الاكبر الاصغر واقامه . وتمتطقا وبسطا ايديهما الى السماء وكنت اراهما وهما لا يبصرانى . واذ بى ارى الشياطين مقبلين نحو الاصغر كالذباب ، فمنهم من كان يريد الجلوس على فمه ، ومنهم من كان يريد ان يجلس على عينيه . فرأيت ملاك الرب حاملا سيفا ناريا وهو يحيط بهما . ويطرد الشيطاطين عنهما . اما الاكبر فلم يقدروا على الاقتراب منه . فما حان الفجر حتى وجدتهما وقد طرحا نفسيهما على الارض وناما . فتظاهرت كأنى استيقظت وهما كذلك . فقال لى الاكبر هذه الكلمة فقط : اتشاء ان تقول الاثنى عشر مزمورا . فقلت نعم . فقرأ الصغير خمس مزامير وفى نهاية كل ست استيخونات الليلويا واحدة ، ومع كل كلمة كان يقولها ، كان يبرز من فمه شهاب نار يصعد الى السماء . كذلك الكبير الذى اذا كان يفتح فمه ويقرأ كان كلامه مثل جبل نار خارجا وصاعدا الى السماء . فلما انفضت الصلاه انصرف قائلا : صليا من اجلى ، فصنعا لى مطانية وهما صامتان . وبعد ايام قليلة تنيح الاكبر وفى ثالثه تنيح الصغير كذلك . ولما كان الاباء يجتمعون بالاب مقاريوس كان يأخذهم اللا قلايتهما ويقول : هلموا بنا نعاين شهادة الغرباء الصغار . + سأل اخوة شيخا : لماذا حدث ان الاخوين الرومانيين اللذين اتيا الى الانبا مقاريوس لم يذهبا الى طوال مدة الثلاث سنوات التى قضياها الى جواره – ولا الى احد من الشيوخ – ليسألا اسئلة عن افكارهما ؟. فأجاب الشيخ : لان الاخ الاكبر كان حكيما الى درجة كبيرة ، وكان كاملا ومتواضعا . فان كان قد ذهب الى الانبا مقاريوس او الى واحد من الشيوخ الاخرين ، فان كماله كان سينكشف . وكان سينال مديخا فى كل الاسقيط من الاباء الذين كانوا سيتعجبون قائلين : ( كيف يحدث هذا : ان يصير شاب كاملا فى ثلاث سنوات ؟) فلا يليق بنا – على اية الحالات – ان تقلد هذين الاخوين ونهمل تعليم الشيوخ ! فمن جهة الاخوين ، كان الاكبر كاملا ، والاصغر كان متواضعا وكان يتعلم منه (1). ******** عظة للقديس مقاريوس حدث مرة ان ارسل شيوخ الجبل الى انبا مقاريوس يقولون له : سر الينا لنشاهدك قبل ان تنصرف الى الرب ولا تضطر الشعب كله الى المجيىء اليك . فلما سار الى الجبل اجتمع اليه الشعب كله وطلب اليه الشيوخ قائلين : قل للشعب كلمة ايها الاب ، فقال : ترك الهوى : يا أولادى الاحباء – عظيم هو مجد القديسين فينبغى ان نفحص عن تدبيرهم الذى نالوا بواسطته هذا المجد وبأى عمل وفى اى طريقة وصلوا اليه . وقد علمنا انهم لم يشتروه بغنى هذا العالم ولا حصلوه بصناعة ما او بتجاره ما . ولا اقتنوه بشيىء مما يملكون . اذ انهم تمسكنو وتقربوا عن هذا العالم . وجالوا جياعا فقراء . فعلى ما اراه اجد انهم نالو ذلك المجد العظيم بتسليمهم دواتهم وتدبير امورهم ونياتهم لله . تركوا اهويتهم كلها من اجل الرب وتبعوه حاملين الصليب ، ولم يفصلهم حب شيىء اخر عن محبته تعالى . لانهم لم بحبوه اكثر من الاولاد فقط مثل ابراهيم ، بل واكثر من ذواتهم ايضا كما يقولو بوليس الرسول لا شيىء يستطيع ان يفصله عن حب الله . فالان يابنى الاحباء جاهدوا واصبروا الى الموت كالقديسين لتصيروا مسكنا لله . المحبة والسلام : ان احببتم بعضكم بعضا فان الله يسكن فيكم . وان كان فى قلوبكم شر فلن يسكن الله فيكم . احذروا الوقيعة لئلا تصيروا كالحية او ان للشيطان . احفظوا اسماعكم من كلام النميمة لتكون قلوبكم نقيه واهربوا من كل ما يجنس القلب . اكرموا بعضكم بعضا لتكون السلامة والمحبة بينكم ، ان عضب احد على اخيه واخوته فلا يسترح له بال قبل ان يصلحه بحلاوة المحبة . وذلك ليخزى عدو السلام ويفرح اله السلام وتكونوا له بنين لانه قال : فاعلى السلام يدعون ابناء الله . صلوا بالروح دائما كما امر الرسول . اتضعوا لاخواتكم واخدموهم حسب قوتكم لاجل المسيح لتنالوا منه الجزاء . فقد قال له المجد : ما تصنعونه بهم فبى تصنعونه . الجهاد : ان كل اعمالنا نجدها ساعة مفارقة انفسنا لاجسادنا فقد كتب : ان الله ليس بظالم حتى ينسى عملكم وودكم الذى اظهرتموه باسمه اذ خدمتم الاطهار وتخدمونهم ايضا . ليكن تعب اجسادتكم مشتهاكم ومحبوبا لديكم . ولا تستلموا للانحلال والكسلا فتندموا يوم القيامة ، بينما يلبس اكاليل المجد اولئك الذين قد اتعبوا اجسادهم ، وتوجدون انتم عراه بخزى امام منبر المسيح بمحضر الملائكة والناس جميعا . لا تنعموا اجسادكم فى هذا الزمان اليسير بالطعام والشراب والنونم لئلا تعدموا الخيرات الدائمة التى لا توصف فمن ذا الذى تكلل قط بدون جهاد ؟ ومن استغنى بدون عمل ؟ ومن ربح ولم يتعب اولا ؟ اى بطال جمع مالا ؟ او أى عاطل لا تنفذ ثروته ؟ انه باحزان كثيرة تدخل ملكوت السموات . فليحرص كل منكم على قبول الاتعاب بفرح عالما ان من ورائها كل غنى وراحة . اما الذى لا يستطيع ان يحتمل الاتعاب لضعف او امراض ، فليمجد اولئك اللذين يتعبون ويغيطهم كما يفرح معهم فى خيراتهم . عدم الادانة . لا تقبلوا فى فكركم ولا تضرروا فى كلامكم اى انسان بانه شرير. لان بطرس الرسول يقول : (( ان الله ارانى واوصانى بان لا اقول عن انسان انه نجس او رجس . فالقلب النقى ينظر كل الناس انقياء . فقد كتب ان كل شيىء طاهر لاطهار والقلب النجس ينجس كل واحد لان كل شيىء للاعمى ظلام ، هوذا الرب قد حلنا من عبودية الشيطان فلا نعد نربط انفسنا او نستعيدها بسوء رأينا . التوبة : احفظوا ما كلمتكم به ليكون لانفسكم منه دواء وصحة ولا تجعلوا شاهدا عليكم لانه سيأتى وقت فيه تطالبون بالجواب عن كلامى هذا . تمسكوا بالتوبة واحذروا لئلا تصطادوا بفخ الغفلة . لا تتهاونوا لئلا تكون الطلبة من اجلكم باطلة . داوموا على التوبة ما دام يوحد وقت . فانكن لا تعرفون وقت خروجكم من هذا العالم . العمل وترك التهاون : لنعمل ما دام لنا زمان . لنجد عزاء فى وقت الشدة فمن لا يعمل ويتعب فى حقله فى اوان الشتاء لن يجد فى الصيف علة بها يملأ مخازنه ليقتات بها . فليحرص كل واحد على قدر طاقته فان لم يمكنه ان يربح خمس وزنات ، فليجاهد بكل قوته فان ساعة واحدة من نياحته تنسيه جميع اتعابه . قوبل وويل لمن تغافل وكس لانه سيندم حيث لا ينفع الندم . لا تكملوا شهوة الجسد لئلا تحرموا من خيرات الروح فان الرسول قد كتب ان اهتمام الجسد هو موت واهتمام الروح هو حياه . افرحوا بكمال اخوتكم وضعوا نفوسكم لهم وتشبهوا بهم واحزنوا على بعضهم . اصبروا للتجارب التى تأتى عليكم من العدو واثبتوا فى ثتاله ومقاومته فان الله يعينكم ويهبكم اكاليل النصرة . فقط كتب طوبى للرجل الذى يصير للبلايا ويصبح مجربا فانه ينال اكليل الحياه ، لاغلبه بدون قتال ولا اكليل بدون غلبه . اصبروا اذا فقد سمعنا قول الرب لاحبائه : اما انتم الذين صبرتم معى فى تجاربى ، ها انا اعد لكم الملكوت كما وعدنى ابى . وقوله ايضا : ان الذى يصير الى المنتهى فهذا يخلص . وقد قدم لنا نفسه مثالا كيف نصبر الى المنتهى . ففى الوقت الذى كان فيه يسبب ويعير ويهان من اليهود نراه يتراءف عليهم ويحسن اليهم ، فكان يشفى امراضهم ويعلمهم ، وهكذا قبل الالام بجسده وصبر حتى الصلب والموت . ثم قام بالمجد وصعد الى السماء وجلس عن يمين الله . اشكروا الرب فى تعبكم من اجل الرجاء الموضوع امامكم . اصبروا فى البلايا لتناولوا اكاليل المجاهدين . اغفروا لبعضكم بعضا لتنالوا الغفران . فقد قال الرب : اغفروا يغفر لكم .. داوموا على حفظ هذه الوصية فان ربحها عظيم ولا تعب فيها . كونوا ابناء السلام ليحل سلام الرب عليكم ، كونوا ابناء المحبة لترضوا محب البشر . كونوا بنى الطاعة لتنجوا من المحتال. ان اول العصيان كان من آدم ابينا فى الفردوس بسبب شهوة الطعام . وأول الجهاد من سيدنا المسيح كان فى البرية فى الصيام . وتعلمنا من التجربة ان الراحة والطعام هما اسباب الطغيان . والصوم هو سبب الغلبة والنصرة . فصوموا مع المخلص للتمجدوا وتغلبوا الشيطان . والصيام بدون صلاه واتضاع يشبه نسرا مكسور الجناحين . احتفظوا بحرضكم ولا تهربوا من اتعابكم . فان الطوبى لمن لازم التوبة حتى يمضى الى الرب . لازموا السهر وقراءة الكتب وثابروا على الصلاه واسرعوا الى الكنيسة ونقوا قلوبكم من كل دنس لتستحقوا التناول من جسد السيد المسيح ودمه الاقدسين فيثبت الرب فيكم . فبهذا السر العظيم تحفظون من الاعداء . فمن يتهاون بهذا السر فان قوات الظلمة تقوى عليه فيبتعد عن الحياه بهواه . فلتتقدم الى سر الافخارستيا بخوف وشوق وايمان تام ، ليبعد عنا خوف الاعداء بقوة ربنا يسوع المسيح له المجد الى الابد امين .

من بستان الرهبان القديس الأنبا أنطونيوس

انطونيوس
كوكب البرية وأب الرهبان
نشأته:
       من أهل الصعيد من جبس الأقباط ، ومسيرته عجيبة طويلة إذا استوفيناها شرحاً.. وانما نذكر السير من فضائله:
       انه لما توفى والده دخل إليه وتأمل وبعد تفكير عميق قال : تبارك اسم الله: اليست هذه الجثة كاملة ولم يتغير منها شئ البتة سوى توقف هذا النقس الضغيف فأين هى همتك وعزيمتك وامرك وسطوتك العظيمة وجمعك للمال. اى ارى الجميع قد بطل وتركته.. فيالهذه الحسرة العظيمة والخسارة الجسيمة.
       ثم نظر إلى والده الميت وقال: ان كنت قد خرجت انت بغير اختيار فلا اعجبن من ذلك ، بل أعجب انا من نفسى ان عملت كعملك.
اعتزاله العالم:
       ثم انه بهذه الفكرة الواحدة الصغيرة ترك والده بغير دفن ، كما ترك كل ما خلفه له من مال واملاك وحشم ، وخرج هائماً على وجهه قائلاً : ها أنا أخرج من الدنيا طائعاً كيلا يخرجونى مثل أبى كارها.
توغله فى الصحراء:
       لم يزل سائراً حتى وصل إلى شاطئ النهر حيث وجد هناك جميزة كبيرة فسكن هناك ، ولازم النسك العظيم والصوم الطويل ، وكان بالقرب من هذا الموضع قوم من العرب ، فاتفق يوم من الايام ان امرأة من العرب نزلت مع جواريها إلى النهر لتغسل رجليها ورفعت ثيابها وجواريها كذلك، فلما بأى القديس انطونيوس ذلك حول نظره عنهن وقتا ما ظنا منه انهن يمضين. لكنهن بدأن فى الاستحمام فى النهر! فما كان من القديس إلا ان قال لها : يا امرأة : اما تستحين منى وانا رجل راهب! اما هى فأجابت قائلة له : اصمت با انسان. من اين لك ان تدعو نفسك راهباً؟ لو كنت راهباً لكنت البرية الداخلية لان هذا المكان لا يسلح لسكنى الرهبان.
       فلما سمع انطونيوس هذا الكلام لم يرد عليها جواباً. وكثر تعجبه لأنه لم يكن فى ذلك الوقت قد شهد راهباً ولا عرف الاسم. فقال فى نفسه ليس هذا الكلام من هذا المرأة لكنه صوت ملاك الرب يوبخنى وللوقت ترك الموضع وهرب إلى البرية الداخلية واقام بها متوحداً لأنه ما كان فى هذا الموضع احد غيره فى ذلك الوقت وكان سكناه فى قرية قديمة كائنة فى جبل العربة ، صلاته تكون معنا آمين.
ملاك يسلمه الزى:
       وكان يوماً جالساً فى قلايته ، فاتت عليه بغتة روح صغر نفس وملل وحيرة عظيمة ، وضاق صدره فبدأ يشكو إلى الله ويقول : يارب انى احب ان اخلص ، لكن الأفكار لا تتركنى فماذا اصنع؟ وقام من موضعه وانتقل إلى مكان اخر وجلس. واذا برجل جالس امامه ن عليه رداء طويل متوشح بزنار صليب مثال الاسكيم ، وعلى رأسه ( كوكلس ) قلنسوه شبه الخوذة وكان جالساً يضفر الخوص، واذ بذلك الرجل يتوقف عن عمله ويقف ليصلى ، وبعد ذلك جلس يضفر الخوص. ثم قام مرة ثانية ليصلى ثم جلس ليشتغل فى ضفر الخوص وهكذا.. اما ذلك الرجل فقد كان ملاك اللله الذى ارسل لعزاء القديس وتقويته اذ قال لانطونيوس " اعمل هكذا وانت تستريح ".
       من ذلك الوقت اتخذ انطونيوس لنفسه ذلك الزى الذى هو شكل الرهبنة وصار يصلى ثم يشتغل فى ضفر الخوص: وبذلك لم يعد الملل يضايقه بشدة. فاستراح بقوة الرب يسوع المسيح له المجد.
صلاته:
1 – القديس بولا البسيط
( تلميذ الانبا انطونيوس )
       اقام القديس انطونيوس بالبرية الداخلية فوق مدينة اطفيح بديار مصر مدة ثلاثة ايام. وبنى له قلاتة صغيرة وهو قريب من وادى العربة.
       وكان ذلك الوقت رجل علمانى ، شيخ كبير ، يقال له بولا اعنى بوس كان ساكنا فى مدينة اطفيح واتفق ان ماتت زوجته وتزوج امرأة صبية وكان له خيرات واموال كثيرة كان قد ورثها.
       فدخل يوماً من الايام إلى بيته ، فوجد احد خدامه على السرير مع زوجته فقال لزوجته مبارك لك فيه ايتها المرأة ، مبارك له فيك ، اذ اخترتيه دونى.
       ثم اخذ بردته عليه ، ومضى هائما على وجهه فى البرية الداخلية ، وبقى محتاراً تائهاً زماناً طويلاً إلى ان اتفق انه وقف على قلاية القديس انطونيوس ، فقرع باب القلابة. فلما رآه القديس عجب منه غاية العجب ، لأنه لم يكن بعد قد رأى انساناً بهذه الصفة ، فسلم على القديس وسجد له على الارض بين يديه فأقامه القديس وعزاه وفرح به غاية الفرح ثم جلس عند القديس اربعين يوماً ملازماً الزهد الكامل والوحدة الصعبة.
       فلما كمل له اربعون يوماً  ، قال له القديس : يا بولس اذهب إلى حافة الجبل وتوحد ، وذق طعم الوحدة.
فمضى بولس كما امره عمل له مثل مربك شاة وفى غضون ذلك احضروا إلى القديس انطونيوس رجلا اعتراه روح من الجن فلما نظره القديس عجب منه ، ثم قال للذى احضره : اذهب به إلى القديس بولس يشفيه لانى عاجز عنه. وهذه هى أول تجاربه فعملوا كما امرهم القديس واحضروه بين يدى القديس بولس وقالو له معلمك الاب انطونيوس يأمرك ان تخرج هذا الشيطان من هذا الإنسان وكان القديس بولس ساذجاً فلوقته اخذ الرجل المريض وخرج إلى خارج الجبل وكان الحر شديداً وكانت الشمس مثل وهج النار فقال: يا شيطان استحلفك كما امرنى معلمى انطونيوس انك تخرج.. واذا بدا العدو الشيطان يتكلم على لسان الإنسان المريض ويضحك ويشتم ويقول : من هو انت ومن هو معلمك انطونيوس المختال الكذاب فقال له بولس: انا اقول لك ايها الشيطان انك تخرج من هذا الإنسان وان لم تخرج انا اعذب نفسى ثم طلع القديس بولا على حجر كان يتقد كأنه جمر نار واخذ حجر اخر على رأسه وقال : باسم الرب يسوع المسيح وباسم صلوات معلمى مار انطونيوس العظيم انى سأظل هكذا إلى ان اموت ولابد ان اعمل طاعة معلمى ، وتخرج ايها الشيطان كما امر معلمى وبقى هكذا واقفاً والعرق ينصب منه كالمطر ونبع ( نزف ) الدم من فمه وانفه والناس حوله مندهشون فلما رأى الشيطان ذلك صرخ باعلى صوته فقال : العفو العفو! والهروب الهروب من شيخ يقسم على الله بزكاوة قلبه حقاً لقد احرقتنى بساطتك ثم خرج من ذلك الإنسان وصرخ الشيطان ايضاً قائلاً  : يا بولا لا تحسب انى خرجت من اجل دمك وخروجه (اى نزف دمه ) لكن احرقتنى صلاة انطونيوس وهو غائب ولما سمع الحاضرون تعجبوا بركة صلواتهم تحفظنا آمين.
2 – قصة شفاء ابن الملاك الافرنج
اخبروا عن القديس انطونيوس ان ملك الافرنج كان له ولد ، وكان وارثاً للملك بعده ، فلقحه جنون وصرع ، فجمع كل علماء بلاده فلم يقدر احد ان يعينه ويشفيه.
       ثم اتصل به خبر القديس انطونيوس الصعيدى ، فأرسل إليه رسله بهدايا جليلة ولما وصلوا إليه لم يشأن ان يقبل شيئاً من الهداية اة يفرح بالسمعة ، وكان يكلمهم بترجمان.
       وقال لتلميذه : بماذا تشير على يا ابنى؟ هل اذهب ام ابقى؟ قال له: يا أبى ان جلست انت انطونيوس وان ذهبت فانت انطونه ، وكان التلميذ يحبه ولا يشتهى ان يفارقه ، فقال له القديس وانا اريد ان اكون انطوانه.
       وفى تلك الليلة عمل صلاة فى الدير وسار إلى بلاد الافرنج وحملته سحابة بقوة الرب يسوع المسيح ودخل إلى مدينة الملك وجلس على باب دار الوزر كمثل راهب غريب ولما عبر وزير الملك وكان الليل قد حل امره الوزير بالدخول إلى منزله ، وبينما هم على المائدة واذا بخنزيرة فى بيت الوزير كان لها صغار عمياء واحدها اعرج احضرتها والقنها بين يدى القديس الذى خاطب الوزير قائلاً: لئلا تظن ان الملك فقط يريد شفاء ابنه! ثم صلب على اورد الخنزيرة ، وبصق على أعين العمياء منها وابراها. فدهش القوم جداً وصاروا كأنهم أموات ، ووصل الخبر الى الملك فأحضره للوقت وأبرأ ابنه وقال: أيها الملك بلغنى انك ارسلت الى انطونه المصرى وانفقت مالك واتبعت رسلك ولاجل هذا انفذنى الله اليك. ثم ودعه وانصرف الى ديره.
وفى اليوم الثانى تقابل معه رسل الملك وطلبوا منه الذهاب معهم لشفاء ابن الملك. فقال لهم اسبقونى وانا احضر خلفكم. فرجعوا واثقين بكلامه ، وقاسوا فى عودتهم شدائد كثيرة من تعب البحر وهول السفر وعند وصولهم سمعوا بشفاء ابن الملك وان قديسا اخر قد ابراه وهكذا قصد القديس انطونيوس ان ينفى عن نفسه الفخر والعظمة ولكن السيد المسيح لم يشأ ان يخفى فضائله وتحققت اخباره فى بلاد الافرنج فتعجب الرسل جداً كيف حضر القديس من بلاده الى بلادهم فى ليلة واحدة وتكلم بلسانهم وفى اليوم التالى كان عندهم فمجدوا الله كثيراً.
من سيرة حياته للرهبانية وقوانين نسكه
( أ ) شركته مع السمائيين:
       جاءه بعض الاخوة يسألونه فى سفر اللاوبين فاتجه الشيخ على الفور الى الصحراء أما انبا امون كان يعرف عادته فتبعه سراً وعندما وصل الشيخ الى مسافة بعيدة رفع صوته قائلاً : " اللهم راسل الى موصى يفسر لى معنى هذه الاية " وفى الحال سمع صوت يتحدث اليه قال انبا امون انه سمع الصوت لكنه لم يفهم قوة الكلام.
( ب ) الكشف الروحى :
       لما حضر انبا ابلاريون من سورية الى جبل انبا انطونيوس قال له انبا انطونيوس " هل حضرت ايها المنجم المنير المشرق فى اصلباح؟ " أجابه أنبا ايلاريون: "سلام لك يا عامود النور حامى الخليقة "
       كانت طلعته مضيئة بنور الروح القدس تنم عن نعمة عظيمة وعجيبة كان متميزاً فى رصان اخلاقه وطهارة نفسه وكان يستطيع ان يرى ما يحدث على مسافة بعيدة.
       فقد حدث مرة بينما كان القديس جالساً على الجبل انهتطلع لاى فوق فرأى فى الهواء روح المبارك امون راهب نيتريا محمولة الى السماء بايدى ملائكة وكان هناك فرح عظيم.
       وكانت المسافة من نيتريا الى الجبل الذى كان فيه انطونيوس نحو سفر ثلاثة عشر يوماً ولما رأى رفقاء انطونيوس انه منذهل سألوه ليعرفوا السبب باعملهم ان امون مات فسجلوا يوم الوفاة ولما وصل الاخوة من نيتريا بعد ثلاثين يوما سألوهم فعلموا ان امون قد رقد فى اليوم والساعة التى رأى فيها الشيخ روحه محمولة الى فوق فتعجب هؤلاء وغيرهم من طهارة نفس انطونيوس وكيف انه علم فى الحالة ما حدث على مسافة سفر ثلاثة عشر يوماً وانه رأى الروح صاعدة.

( جـ ) افرازه :
       قيل ان شيوخاً كانوا قاصدين الذهاب الى انبا انطونيوس فضلوا الطريق واذ انقطع رجاؤهم جلسوا فى الطريق من شدة التعب واذا بشاب يخرج اليهم من صدر البرية واتفق وقتئذ انه كانت هناك حمير وحش ترعى فاشار اليها الشاب بيده فاقبلت نحوه فأمرها قائلاً " احملوا هؤلاء الى حيث يقيم انطونيوس " فاطاعت حمير الوحش امره فلما وصلوا اخبروا انطونيوس بكل ما كان اما هو فقال لهم " هذا الراهب يشبه مركباً مملوءة من خير ، لكنى لست اعلم ، ان كان يصل الى الميناء اما لا؟ "
       وبعد زمان بينما كان القديس انطونيوس جالساً فى الصحراء مع الاخوة وقع فجأة فى دهشة " فرأوه يبكى وينتحب يركع ويصلى وينتف شعره فقال له تلاميذه " ماذ حدث ايها الاب " فقال لهم الشيخ : " عامود عظيم للكنيسة قد سقط فى هذه الساعة اعنى ذلك الشاب الذى اطاعته حمير الوحش قد سقط من قانون حايته " وارسل الشيخ اثنين من تلاميذه اليه فلما رأى تلاميذ انطونيوس بكى وناح واهال تراباً على رأسه وسقط امامهم قائلا " اذهبوا قولوا لانبا انطونيوس ان يطلب الى الله كى يمهلنى عشرة ايام لعلى اتوب " لكنه قبل ان يتم خمسة ايام توفى ولم يمكث طويلاً ليقدم توبة عن خطيئته.
       قال انبا انطونيوس : " انى ابصرت مصابيح من نار محيطة بالرهبان  وجماعة من الملائكة بايديهم سيوف ملتهبة يحرسونهم  وسمعت صوت الله القدوس يقول : " لا تتركوهم ما داموا مستقيمى الطريقة " فلما أبصرت هذا تنهدت وقلت : " ويلك يا انطونيوس ، ان كان هذا العون محيطاً بالرهبان والشياطين تقوى عليهم" فجاءنى صوت الرب قائلاً : " ان الشياطين لا تقوى على احد ، لانى من حيت تجسدت سحقت قوتهم عن البشريين ولكن كل انسان يميل الى الشهوات ويتهاون بخلاصه فشهوته هى التى تصرعه وتجعله يقع". فصحت قائلا: " طوبى لجنس الناس وبخاصة الرهبان لان لنا سيداً هكذا رحيماً ومحبا للبشر".
       ودفعة جاء شيخ كبير فى زيارة للانبا انطونيوس فى البرية ، وهو راكب حمار وحش ، لما رآه الشيخ قال: " هذا سفر عظيم ، ولكنى لست اعلم ان كان يصل الى النهاية ام لا".
( د ) لا يوجد نظير له:
       اعلن الرب لانبا انطونيوس انه فى المدينة الفلانية يوجد رجل يماثله وهو طيب يعمل ويوزع كل ما يحصل عليه على الفقراء والمحتاجين ، ويقدم للرب تماجيد مع الملائكة ثلاث مرات يومياً.
( هـ ) يوجد من يفوقه أيضاً :
       بينما كان القديس يصلى فى قلايته سمع صوتاً يقول: " يا انطونيوس انك لم تبلغ بعد ما بلغه خياط مدينة الاسكندرية ": فقام القديس عاجلاً واخذ عصاه الجريد بيده ووصل الى الخياط فما نظر الخياط الى الشيخ ارتعد سأله القديس: " ما هو عملك وتدبيرك؟" اجابه الخياط : : اننى لا اظن اننى اعمل شيئاً من اصللاح غير انى انهض مبكراً وقبل ان ابجأ عملى يجى اشكر الله واباركه واجعل خطاياى امام عينى واقول: " ان كان الناس الذين فى المدينة سيذهبون الى ملكوت السموات لاعمالهم الصالحة اما انا فسأرث العقوبة الابدية لخطاياى " واكرر هذا الكلام بعينه فى المساء قبل ان انام.
لما سمع من القديس هذا الكلام قال:
حقا كالرجل الذى يشتغل فى الذهب ويصنع اشياء جميلة ونقية فى هدوء وسلام هكذا انت ايضاً فبواسطة افكارك الطاهرة سترت ملكوت الله بينما انا الذى قضيت حياتى بعيداً عن الناس منعزلاً فى الصحراء لما ابلغ بعد ما بلغته انت.
( و ) ترديد اسم يسوع:
       قال : ان جلست فى خزانتك قم بعمل يديدك ولا تخل اسم الرب يسوع بل امسكه بعقلك ورتل به بلسانك وفى قلبك وقل : يا ربى  يسوع المسيح ارحمتى يا ربى يسوع اعنى وقل له ايضاً انا اسبحك يا ربى يسوع المسيح.
من هو انطونيوس؟
       قال احد الاخوة : ارانا انباء صبيصوى مغارة الانبا انطونيوس حيث كان يسكن " هوذا فى مغارة اسد يعيش ذئب".

الاثنين، 21 أكتوبر 2013

قصة ما لم تره عين


 رقد الرجل على فراش الموت، و إذ كان غنيًا جدًا قال للرب: "هل سأترك كل هذه المقتنيات و أنا قد تعبت في جمعها طوال ايام حياتى؟ أما تسمح لى بإحضار بعض منها معى؟".فأجابه الرب: "و لكن لماذا؟ إن الأشياء الأرضية لا تصلح لمعيشة السماء"."أرجوك يا رب أسمح لى".

 قضبان ذهب، سبائك ذهبية"حسنًا، يمكنك إحضار حقيبة واحدة فقط".و هكذا أمر الرجل الغنى أحد خدامه بملء أكبر حقيبة لديه بسبائك الذهب المستطيلة.وصل الرجل على أعتاب السماء فاستوقفه ملاك قائلا: "إنك لا تستطيع الدخول بهذا!!!""أرجوك اسمح لى فأنا طلبت من الرب هذه الطلبة أن أحضر بعضًا من أموالى معى""حسنًا و لكن ترى ماذا أحضرت؟!! هل تسمح لى برؤية ما في الحقيبة""تفضل"نظر الملاك داخل الحقيبة ثم ابتسم ابتسامة عريضة.تعجب الرجل جدًا و سأله : "ما الذي يجعلك تبتسم هكذا؟!!" فقال الملاك: "لأنى متعجب كيف إنك أحضرت معك ما نستعمله هنا في رصف الأرضيات!!!!"بالرغم من هذه القصة رمزية إلا إنها تعبر لنا بوضوح على إن كل ما قد نقتنيه على الأرض لا يساوى شىء بالنسبة للأمجاد المعدة لنا من قبل إلهنا المحب.